في تصعيد غير مسبوق، أعلنت نقابة المحامين عن خطوات احتجاجية جديدة ضد قرار وصفته بـ"غير الدستوري" يقضي باستحداث وزيادة رسوم التقاضي تحت مسمى "رسوم الميكنة"، في وقت تتصاعد فيه الاتهامات للمنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي بمحاولة تحميل فئات المجتمع تكلفة أزمته الاقتصادية الخانقة.
مقاطعة شاملة للخزائن ووقفة احتجاجية
في بيان صدر مساء الثلاثاء عقب اجتماع مشترك بين مجلس النقابة العامة ونقباء النقابات الفرعية، قررت نقابة المحامين الامتناع التام عن توريد أي مبالغ مالية إلى خزائن جميع محاكم الجمهورية بكل درجاتها، وذلك يوم الثلاثاء المقبل.
الخطوة تأتي امتدادًا لتصعيد سابق شمل الامتناع لثلاثة أيام عن توريد الرسوم لمحاكم الاستئناف فقط، لكنها هذه المرة تتسع لتشمل جميع درجات التقاضي، ما يعكس حجم الغضب داخل الأوساط النقابية.
كما أعلنت النقابة عن تنظيم وقفة احتجاجية موحدة لمدة ساعة أمام مقار المحاكم يوم الاثنين المقبل، بعد أن كانت وقفة سابقة نُظّمت الأحد قبل الماضي اقتصرت على نصف ساعة أمام مقار النقابات.
عقوبات مشددة للرافضين الالتزام
وتوافق المجتمعون بالإجماع على توقيع عقوبة الإنذار بحق أي عضو يخالف قرارات الامتناع عن التوريد، مع حرمانه من الخدمات النقابية، وفي حال التكرار يُحال للتأديب ويُوقف عن مزاولة المهنة، وفق بيان رسمي للنقابة.
مؤتمر صحفي ومذكرة إلى السيسي
أعلنت النقابة كذلك عن مؤتمر صحفي موسع يُعقد في الأول من مايو المقبل بمقر النقابة العامة بالقاهرة، بحضور رموز نقابية ومحامين أعضاء في البرلمان وممثلين عن نقابات وهيئات مجتمع مدني، وذلك لعرض الآثار القانونية والاجتماعية المترتبة على القرار والدعوة لإلغائه.
كما قررت النقابة إعداد مذكرة تفصيلية لعرض الأزمة على الرئيس عبد الفتاح السيسي، رغم أن كثيرين يرون أن القرار يأتي في سياق سياسات أوسع يتبعها النظام لمحاولة إنقاذ اقتصاد يترنح على وقع الديون والعجز والانكماش الاستثماري.
خلفية الأزمة: ضرائب جديدة في غطاء "الميكنة"
تعود الأزمة إلى قرار أصدره رئيس مجلس محاكم الاستئناف، المستشار محمد نصر، في مارس/آذار الماضي، استحدث بموجبه رسومًا جديدة على الخدمات القضائية. وفرض القرار رسمًا بواقع 33 جنيهًا عن كل ورقة في الحوافظ القضائية، ورفع رسوم الشهادات إلى أكثر من 60 جنيهًا، ورسوم الحصول على الصيغة التنفيذية إلى 242 جنيهًا.
وأثار القرار استياءً واسعًا في أوساط المحامين، الذين اعتبروا الرسوم مخالفة للمشروعية الدستورية ومساسًا مباشرًا بحق التقاضي، وهو حق مكفول لجميع المواطنين، وأداة رئيسية لتحقيق العدالة.
السيسي وعقلية "الجباية"
يرى مراقبون أن هذه القرارات لا تنفصل عن مسار أوسع تسير فيه الدولة المصرية في عهد المنقلب السيسي، يتمثل في توسيع مظلة الجباية وفرض الرسوم تحت ذرائع مختلفة، في ظل فشل اقتصادي ينعكس في ارتفاع مستويات الدين العام وتدهور الخدمات وانكماش قطاعات الإنتاج.
وبحسب اقتصاديين، فإن الحكومة لم تجد أمامها سوى تحميل الطبقات الوسطى والفقيرة تكلفة سياسات اقتصادية فاشلة، من خلال فرض رسوم وضرائب جديدة تطال حتى خدمات العدالة، في ظل انسداد الأفق السياسي والاقتصادي.
حق التقاضي في مهب الريح
كانت نقابة المحامين قد أصدرت بيانًا في وقت سابق انتقدت فيه استحداث الرسوم دون أي حوار مجتمعي، مشيرة إلى أن القرار يُفاقم من معاناة المواطنين ويقوّض الحق الدستوري في التقاضي.
وشكّلت النقابة لجنة خاصة لإدارة الأزمة، معتبرة إياها "أمرًا جللًا" يمس المجتمع المصري بأكمله وليس المحامين فقط، مؤكدة أنها ستواجه هذا القرار بجميع الوسائل القانونية المتاحة.
