فتش عن الجيش ما قبل الحريق .. 8 تقارير رقابية وعشرات المخالفات الجسيمة بسنترال رمسيس لم يتلفت إليها!!

- ‎فيتقارير

رصدت 8 تقارير رقابية أعدها الجهاز المركزي للمحاسبات، وجود أصول مُهلكة (انتهى عمرها الإنتاجي) وأخرى غير مستغلة، تتجاوز قيمتها 18 مليار جنيه، بسنترال رمسيس الذي احترق مرتين خلال يوليو الجاري وكان منها أن الشركة المصرية للاتصالات لم تقم بالمراجعة الدورية للأجهزة، خصوصًا فيما يتعلق بالكوابل وبعض المكونات الأساسية لشبكة الاتصالات، مطالبًا باتخاذ إجراء فوري لمعالجة هذه الملاحظات المهمة.

وكان الجهاز حذر الشركة المصرية للاتصالات من مخالفة معيار المحاسبة المصري رقم 10، الذي يُلزم الشركات بمراجعة الأعمار الإنتاجية للأصول الثابتة بشكل دوري، منذ آخر مراجعة عام 2023 وحتى التقرير الأخير الصادر في مارس 2025.

وقالت التقارير: إن  "إجمالي قيمة الأصول المُهلكة، أي التي انتهى عمرها الإنتاجي وما زالت قيد التشغيل، نحو 14.1 مليار جنيه، بحسب مراجعة مارس 2025، ورغم أن هذه الأصول تُستخدم فعليًا، فإن أعمارها الإنتاجية لم تُعدّل، أي لم يتم توضيح أن صلاحية عملها تمتد لأعوام إضافية".

وضمت الأصول كل ما تمتلكه الشركة من بنية تحتية مادية وتكنولوجية، مثل الكوابل الأرضية والبحرية، ومراكز البيانات، والسنترالات، ومحطات الربط الدولية، وأبراج الاتصالات، وأنظمة التشغيل، والبرمجيات، والتجهيزات التقنية التي تُشغّل شبكة الاتصالات والإنترنت.

وأضافت التقارير من الجهاز الحكومي  أنه بخلاف الأصول التي انتهى عمرها الإنتاجي وما زالت تُستخدم، كشف المركزي للمحاسبات ملاحظة أخرى منذ مراجعة عام 2023 وحتى آخر مراجعة، وهي أن الشركة تمتلك أصولًا غير مستغلة بقيمة 4.1 مليار جنيه.

وتتمثل تلك الأصول في سعات من الكوابل الدولية تعاقدت عليها الشركة، ودفعت تكلفتها دون أن تُستغل.

ورصد الجهاز المركزي للمحاسبات إدارج الشركة في دفاترها مسارات كوابل نحاسية تالفة وغير صالحة للاستخدام، رغم تأكيد لجان الفحص عدم صلاحيتها. وبلغ ما أمكن حصره منها حتى نهاية عام 2023 نحو 238 مسارًا تالفًا في منطقتي المنوفية والقليوبية.

مراجعة 2022
ولفتت تقارير الجهاز المركزي إلى أنه في جميع المراجعات الدورية الصادرة عن الجهاز المركزي منذ عام 2022، أشار التقرير إلى نقاط ثابتة لم تُعالج من جانب الشركة، أبرزها وجود خلل جوهري في نظام الرقابة الداخلية على المخازن، إلى جانب ضعف التنسيق بين الإدارات المختلفة داخل الشركة.
 

 ويختص "المركزي للمحاسبات" بمراجعة القوائم المالية للشركات وتقديم ملاحظات فنية ومحاسبية، إلا أن صلاحياته لا تمتد إلى إجراء فحص شامل للإجراءات الداخلية أو الرقابة التشغيلية داخل الشركات؛ إذ في ملاحظاته يعتمد على ما يتاح له من بيانات مالية، ويؤكد في تقاريره أنه لا يستطيع رصد جميع الأخطاء، بل يُقدم ما يمكن توثيقه كملاحظات وتوصيات.

ورصد "الجهاز" العديد من المشكلات الهيكلية التي تُعاني منها "المصرية للاتصالات"، التي تمتلك الحكومة فيها حصة الأغلبية بنسبة 70%، بينما تُطرح نسبة الـ30% المتبقية للتداول الحر في البورصة، وهو ما أتاح لنا الاطلاع على الفحوص الدورية للمصرية للاتصالات، الملزمة بالنشر العلني وفقًا لقواعد السوق.

أجهزة مركزية في سنترال رمسيس لا يُعلم عنها شيء

 كرر "المركزي للمحاسبات" في مراجعتين له عن نتائج الشركة عام 2023، والربع الأول من 2024، تسجيل مخالفة حسابية، تتعلق بوحدات كان مفترض أن يتم تركيبها بمشروع شبكة الاتصالات الرئيسية التي تمر عبرها كل بيانات الاتصالات والإنترنت (Core IP)، دون أن تقدم "المصرية للاتصالات" أي رد أو توضيح.

واشترت "المصرية للاتصالات" بقيمة 58 مليون جنيه وحدات تستخدم في مراكز التشغيل الرئيسية هي "1Pos و3Pos"، من شركة الجيزة للأنظمة، جرى تركيبها في سنترال رمسيس وتهيئتها للتشغيل في 27 يوليو 2023.

 وقالت: إن "هذه الأجهزة لم تُحوَّل محاسبيًا من حساب الأرصدة المدينة إلى حساب الأصول الثابتة، ما يعني أنها ليست مدرجة رسميًا في الدفاتر".

فتش عن الجيش
وكشفت المخالفات أن هناك توريدات مفتوحة لجهاز الخدمة الوطنية واستثمارات فاشلة. حيث اعتبرتها المراجعة السنوية للجهاز تشير إلى إهدار للموارد، وسوء توثيق وتسوية للاستثمارات والعقود، وخسائر مالية ضخمة من الاستثمار في شركات خاسرة، وتراكم مديونيات غير محصّلة.

وأن "تسجيل إيرادات تقديرية قيمتها عن كميات من الكوابل النحاسية وكوابل الرصاص التي سحبها كل من جهاز الخدمة الوطنية التابع للقوات المسلحة وتحالف "ابدأ" (أحد شركات المبادرة الوطنية لتطوير الصناعة المصرية)، دون وجود مستندات رسمية أو مطابقة فعلية تؤكد صحة هذه الأرقام، العُرضة للتضخيم أو النقص غير الواقعي"، بحسب الجهاز المركزي بحسب استعراض منصات مثل "مصتدقش" و"صحيح مصر".

وأكد المركزي  للمحاسبات أن جهاز الخدمة الوطنية وتحالف "ابدأ" استمرا في سحب توريدات من "المصرية للاتصالات" دون سداد مستحقاتها، حتى بلغت المديونية الإجمالية نحو 222.7 مليون جنيه، تشمل مستحقات تراكمت على مدار عامي 2023 و2024، من بينها شيك سُجل في حساب "مديونيات لدى البنوك" دون تأكيد استلامه أو تسويته محاسبيًا.

وأظهرت تقارير الجهاز الرقابي أن "المصرية للاتصالات" تستثمر في عدد من الشركات التي تُعاني من خسائر أو لا تُحقق أي عوائد.

 واستثمرت "المصرية للاتصالات" بقيمة نحو 39.65 مليون جنيه في خمس شركات خاسرة، ما أدى إلى خسارتها نحو 34.2 مليون جنيه من قيمة استثمارها، رغم توصيات "المركزي للمحاسبات" بالتخارج من هذه الشركات أو إعادة تقييم جدوى استمرار الاستثمار فيها.

وأشار تقرير للبنك الدولي عام 2019، إلى أن اعتماد مصر على البنية التحتية التي تديرها "المصرية للاتصالات"، بوصفها نقطة ارتكاز رئيسية للاتصالات الثابتة ، إذا حدث أي خلل أو انقطاع فيها،  سينعكس مباشرة على مزودي خدمات الإنترنت وشبكات المحمول، لأنهم يعتمدون عليها كلياً للوصول إلى عملائهم سواء داخل مصر أو خارجها.

ورغم ذلك اعتمدت الحكومة المصرية على نقطة مركزية للتحكم في الاتصالات، ساعدها في يناير 2011، عندما قررت الدولة قطع خدمات الإنترنت، فوفقًا لتقرير نُشر في فبراير 2011 لموقع "Wired" المتخصص في التقنية، فإن الانقطاع لم يحصل عن طريق الاتصال الهاتفي بمقدمي الخدمات والضغوط عليهم فقط، بل تم "تنفيذ معظم الانقطاع عبر قاطع كهربائي  حُرِّك في سنترال رمسيس".