“سكوربيونز” في القاهرة: التطبيع الثقافي يتوسع بزمن السيسي وسط حصار غزة وحملات المقاطعة تتجدد

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يعكس حجم التحولات التي شهدتها مصر في عهد المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي تجاه إسرائيل، أعلنت فرقة الروك الألمانية الشهيرة "سكوربيونز" عن حفل مرتقب في 15 أكتوبر المقبل، بالعاصمة الإدارية الجديدة. يأتي ذلك ضمن جولتها العالمية "Coming Home – 60 Years of Scorpions"، التي تشمل أبوظبي، لاس فيغاس، وموناكو.

 

لكن الإعلان عن الحفل فجّر موجة جدل على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والدول العربية، إذ ربط كثيرون بين استضافة فرقة لديها تاريخ من العلاقات الفنية مع إسرائيل، وبين تسارع وتيرة التطبيع الثقافي والفني في عهد السيسي، في وقتٍ تواصل فيه إسرائيل حرب الإبادة على غزة، التي خلفت أكثر من 50 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال.

 

تطبيع فني وثقافي غير مسبوق

فرقة "سكوربيونز" ليست جديدة على الانتقادات، فقد أحيت حفلات سابقة في تل أبيب، وظهرت أكثر من مرة إلى جانب العلم الإسرائيلي، كما عبّر بعض أعضائها عن “تعاطفهم” مع ضحايا إسرائيل، دون أي إشارة لضحايا الاحتلال في فلسطين. هذا السجل دفع ناشطين ومثقفين مصريين إلى اعتبار الحفل المرتقب "استفزازًا لمشاعر العرب"، و"تأكيدًا على نهج التطبيع الفني في مصر السيسي".

 

منتقدو الحفل شبّهوا الواقعة بما حدث قبل أشهر مع منسقة الموسيقى الألمانية ماري مونتكسير، التي أُلغي حفلها بعد حملات شعبية واسعة بسبب دعمها العلني لإسرائيل ووصفها المقاومة الفلسطينية بـ”الإرهاب”.

 

رغم ذلك، خرج مسؤول في نقابة المهن الموسيقية ليؤكد لـ"العربي الجديد" أن "الفرقة أجنبية وليست عربية حتى يُقال إنها تطبع مع إسرائيل"، مشيرًا إلى استكمال جميع التصاريح اللازمة لإقامة الحفل.

 

السيسي: بطل التطبيع الاقتصادي والسياحي

لا يتوقف الأمر عند التطبيع الفني؛ بل يرى محللون أن نظام السيسي يمضي بعيدًا في التطبيع مع إسرائيل على كافة المستويات:✅ في قطاع السياحة، قررت القاهرة العام الماضي السماح للسياح الإسرائيليين بدخول سيناء باستخدام بطاقات الهوية فقط مقابل 7 دولارات، بينما يُفرض على أهالي غزة، الجار الجغرافي، دفع مئات الدولارات ورسوم "تنسيقات" لعبور معبر رفح، مع قيود مشددة تصل حد المنع الكلي في أحيان كثيرة.

✅ في مجال الطاقة، تحولت مصر إلى مركز إقليمي لتصدير الغاز الإسرائيلي، بعد توقيع صفقة تاريخية بقيمة 15 مليار دولار لتسييل الغاز المستخرج من حقول الاحتلال في المتوسط وإعادة تصديره، في وقتٍ يعاني فيه المصريون من انقطاعات متكررة للكهرباء وارتفاع فواتير الطاقة.

 

✅ عسكريًا وأمنيًا، كشف تقرير أمريكي أن التنسيق بين القاهرة وتل أبيب في سيناء بلغ مستويات غير مسبوقة، إذ سمحت مصر للطائرات الإسرائيلية بتنفيذ ضربات داخل الأراضي المصرية ضد جماعات مسلحة، في خرق علني لسيادة الدولة.

 

صورة مصر عربياً: من ريادة القضية الفلسطينية إلى شريك للاحتلال

يرى مراقبون أن هذه السياسات ألحقت ضررًا بالغًا بصورة مصر التاريخية كداعم رئيسي للقضية الفلسطينية. فبينما كانت القاهرة لعقود مركزًا للقرار العربي وراعية للمصالحة الفلسطينية، أصبحت اليوم في عهد السيسي متهمة بالعمل كـ"حارس للحدود الإسرائيلية" ومنفذ لحصار غزة، كما وصفها ناشطون.

 

الكاتب الفلسطيني ياسر الزعاترة علّق قائلاً: “في عهد السيسي، لم تعد مصر طرفًا في الصراع العربي-الإسرائيلي، بل جزءًا من منظومة أمنية واقتصادية تخدم الاحتلال”.

 

حملات المقاطعة تتجدد

على وقع هذه التطورات، تتصاعد الدعوات في مصر وعواصم عربية أخرى لمقاطعة الفعاليات الفنية المرتبطة بفنانين داعمين لإسرائيل، في إطار حركة المقاطعة (BDS)، التي تعتبر التطبيع الفني والثقافي أخطر أشكال الشرعنة للاحتلال لأنه يخترق وجدان الشعوب.

 

وتطرح تساؤلات كبرى: هل أصبح التطبيع في عهد السيسي سياسة دولة تتجاوز الاقتصاد والطاقة إلى الفن والثقافة؟ وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر هذا المسار على مكانة مصر في العالم العربي؟