فساد المحليات يقتل المصريين.. انهيار العقارات عرض مستمر فى زمن الانقلاب

- ‎فيتقارير

 

 

انهيار العقارات أصبحت ظاهرة يومية بل على مدار الساعة فى زمن الانقلاب وذلك بسبب فساد المحليات وعدم التزام شركات المقاولات باشتراطات ومعايير البناء بجانب اهمال عمليات الصيانة والترميم بالنسبة للعقارات القديمة .

فى هذا السياق شهدت محافظات الجمهورية سلسلة من حوادث انهيار العقارات السكنية خلال اليومين الماضيين، وهو ما أعاد إلى الواجهة ملف المباني الآيلة للسقوط وسلامة المنشآت القديمة، وسط تساؤلات المواطنين عن دور الجهات الرقابية ومدى الالتزام بالاشتراطات الإنشائية.

هذه الوقائع المتتابعة تعكس أزمة متجذرة، تتعلق بالبناء غير المرخص، أو العقارات القديمة التي لم تخضع لصيانة حقيقية، في ظل تزايد الكثافة السكانية، وتحديات العمران العشوائي، ما يفرض تحركًا عاجلًا من سلطات الانقلاب لتفادي كوارث محتملة قد تودي بحياة أبرياء.

 

مصر القديمة وحي الساحل

 

في القاهرة، انهار عقار مكوَّن من أربعة طوابق بمنطقة مصر القديمة، ما أسفر عن حالة من الذعر بين الأهالي،أعقبه بساعات حادث مماثل في حي الساحل، حيث سقط عقار آخر مكوَّن من ثلاثة طوابق بشكل مفاجئ، وأدى الحادثان إلى إصابات ووفيات.

لم تقتصر الكارثة على العاصمة، فقد شهدت قرية الدبابية التابعة لمركز إسنا بمحافظة الأقصر، انهيار منزل مأهول بالسكان، وتعرضت أسرة بالكامل لخطر الموت، قبل أن تنجو بأعجوبة من تحت الركام وأثارت الحادثة حالة من القلق بين أهالي الصعيد، الذين يطالبون بإجراءات فورية لحصر العقارات المهددة بالانهيار.

وفي واقعة متزامنة بنفس القرية، تعرض منزل آخر للانهيار الكامل، وكان يقطنه أرملة وأطفالها الأربعة وبفضل العناية الإلهية، نجت الأسرة من موت محقق، وسط مطالبات من الأهالي بسرعة توفير سكن بديل لهم بعد أن أصبحوا بلا مأوى.

 

الإدارات الهندسية

 

تعليقًا على حوادث الانهيارات المتكررة أكد أستاذ الإدارة الحكومية والخبير الاستشاري للبلديات الدولية الدكتور حمدي عرفة أن مصر فى زمن الانقلاب تواجه أزمة حقيقية في ملف العقارات الآيلة للسقوط، ولا يمكن الاستمرار في التعامل معها كحوادث فردية أو معزولة.

وقال عرفة فى تصريحات صحفية إن جذور الأزمة تعود إلى مجموعة من الأسباب المتشابكة، تبدأ بوجود قوانين قديمة لم تعد مناسبة للتعامل مع الواقع العمراني الحالي، إلى جانب وجود "فساد في بعض الإدارات الهندسية"، وغياب المتابعة والمساءلة الحقيقية داخل منظومة الإدارة المحلية.

وأشار إلى أن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق المحافظين والأجهزة التنفيذية في المحليات، والتي لم تُحسن إدارة ملف تراخيص البناء أو مواجهة ظاهرة البناء المخالف، ما تسبب في تفاقم الأزمة وتهديد حياة المواطنين.

وكشف عرفة عن تقارير رسمية صادرة عن المركز القومي لبحوث البناء والإسكان تؤكد وجود ما يقرب من 121 ألف عقار معرض للانهيار بسبب تدهور حالتها الإنشائية، بينما أفاد الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بأن هناك نحو 98 ألف عقار آيل للسقوط فعليًا في مختلف المحافظات.

 

فساد المحليات

 

وأكدت المهندسة المعمارية إنجي الحسيني، أن السبب الرئيسي في انهيار العقارات يرجع إلى البناء المخالف والعشوائي والذي يمثل ضغطًا على المرافق والبنية التحتية، إضافة إلى وجود حالة من تكدس المنشآت وتكثيف المباني التى تفتقد لمعايير الجودة والسلامة .

وقالت انجى الحسينى فى تصريحات صحفية : كل تلك الأسباب مجتمعة تؤثر على التربة وعلى أساسات العقارات خاصة تلك التي لم تراعِ مواصفات البناء من الناحية الإنشائية نتيجة للغش في الحديد والأسمنت. 

وحملت فساد المحليات المسئولية عن حوادث انهيار العقارات متسائلة كيف لمبنى مكون من ثمانية أدوار يحصل على تسهيلات في البناء ليصل عدد الأدوار لـ 17 وأحيانًا  20 طابقا، مما يمثل تحميلًا على التربة، والتي لم تكن مجهزة لتلك الأحمال، نظرًا للضغط على أنظمة المياه والصرف الصحي للمباني وشبكات الصرف العمومية . 

 

كود التصميم الإنشائي

 

وأكد المهندس المعماري، محمد عيسى، أن التغيرات المناخية تؤثر على المباني لا سيما في البيئات الساحلية، نظرًا لارتفاع نسبة الملوحة والرطوبة، مشددا على ضرورة عمل حماية للمباني منها كي لا تصل الرطوبة والأملاح للهيكل الخرساني وتؤدي إلى صدأ الحديد، وإصابة المبنى بالشيخوخة ، وقد يسقط بعد ذلك نتيجة حفر أو بناء قريب منه .

وقال عيسى فى تصريحات صحفية : هناك كود للتصميم الإنشائي للمباني السكنية وتسليحها، ويكون لها عمر افتراضي وبعده يجب عمل تجديد وترميم للمبانى لأن كفاءتها تقل تدريجيًا، أو يتم إصدار قرار إزالة، حسب حالة المبنى. 

وأرجع انهيارات العقارات إلى العشوائية وغياب دراسات البناء ومعايير وكود السلامة، مُعتبرًا أن المباني المبنية منذ الثمانينات والتسعينيات والألفية الثالثة هي الأكثر عرضة للضرر، لا سيما تلك المبنية خلال فترة ثورة يناير ٢٠١١.

وأوضح عيسى أنه كان من المفترض قبل عملية البناء أن يتم فحص التربة ونوعها، بالاستعانة بمختبرات متخصصة، وقياس منسوب المياه ومعرفة نوعها سواء مالحة أو عذبة، وهل تحتاج إلى عمليات شفط دائم للمياه؟، مشيرا إلى أن هذا الفحص يحدد طبيعة مواد البناء التي يستخدمها المعماريون، والحفر المناسب، اللازم للتأسيس، فقد يلجأون إلى وضع خوازيق بعمق معين ووفق اشتراطات معينة وإجراء تجارب عليها.