أثار فتح مفيض توشكى قبل أيام تخوفات من غرق الأراضى الزراعية فى مصر بسبب فشل نظام الانقلاب بقيادة عبدالفتاح السيسي فى مواجهة أزمة سد النهضة وعجزه عن مواجهة التعنت الاثيوبى ورفض أديس ابابا تشكيل إدارة ثلاثية للسد مع دولتى المصب تفاديا لحدوث أزمات ومشاكل وهو ما حدث بالفعل بسبب الإدارة الأحادية لسد النهضة من جانب اثيوبيا .
كان مصطفى مدبولي، رئيس وزراء الانقلاب قد قال، إن المواطنين تابعوا منذ الإعلان الرسمي لافتتاح سد النهضة، عمليات تصريف كميات ضخمة من المياه من الجانب الإثيوبي، ما أدى إلى غرق أجزاء من أراضٍ تعتبر امتدادًا لمجرى نهر النيل.
وزعم مدبولي فى تصريحات صحفية أن دولة العسكر وضعت خطة مسبقة لزيادة قدرات استيعاب مفيض توشكى لأي كميات إضافية قد ترد إلى بحيرة ناصر، وكان من المقرر الانتهاء من أعمال التطوير نهاية نوفمبر 2025.
وأضاف: تجري حاليًا أعمال موسعة لضمان قدرة المفيض على تمرير كميات أكبر من المياه، وهو ما يعزز جاهزية التعامل مع أي متغيرات طارئة وفق تعبيره .
كما زعم مدبولى أنه يتابع بشكل يومي مع وزير الموارد المائية والري بحكومة الانقلاب التصوّر الكامل لحجم المياه التي يمكن تصريفها أو الاحتفاظ بها حتى منتصف 2026، تزامنًا مع الاستعداد لموسم الفيضان المقبل.
السد العالي
فى هذا السياق كشف مصدر مطلع، إن وصول الفيضانات إلى مصر أو حدوث ارتفاعات غير طبيعية في مناسيب مياه النيل يتطلب تصريف المياه الزائدة عبر ثلاث وسائل هي فتح مفيض توشكى أو استثمارها في مشاريع توشكى الزراعية أو إطلاقها في نهر النيل واستيعابها في الترع وأيضاً توجيهها نحو الأراضي الزراعية، مشيرا إلى أن وزارة ري الانقلاب في مرات عديدة سابقة كانت ترى أن الكميات الزائدة لا تستدعي فتح مفيض توشكى وأنه يمكن استيعابها.
وأضاف المصدر أن وزارة الري حاولت خلال الشهرين الماضيين الاستفادة من زيادة منسوب مياه النيل عبر فتح قناطر "ادفينا" على البحر المتوسط، وإطلاق عملية تسمى بغسيل النهر والاستفادة منها للزراعة لكن هذه المرة بدا هناك سلوك عدائي نتيجة اضطراب عمليات تصريف المياه من سد النهضة وهو ما من شأنه التأثير على كفاءة السد العالي، ويتطلب إجراءات أكثر فعالية تتمثل في فتح مفيض توشكى.
وأوضح أن الحديث عن السد العالي وقدرته على استيعاب الفيضانات يحمل شقاً استراتيجياً ويبقى الهدف الرئيسي أن يظل السد يعمل بكفاءة وهناك قياسات تتم عليه بشكل مستمر لكي لا يكون هناك أي تسريبات للمياه ويتم إزاحة المياه الزائده بشكل دوري سواء في موسم الفيضان أو في أي وقت، وذلك للحفاظ على عمره الافتراضي والذي يصل إلى 500 عام.
فيضانات إثيوبيا
وأشار المصدر إلى أن السد العالي يعد صمام أمان لشبكة المجاري المائية، وقامت وزارة ري الانقلاب خلال السنوات الأخيرة بعملية إحلال وتجديد لجميع القناطر على نهر النيل لكي تصبح قادرة على استقبال المياه، وأن تتحمل ضغوط المياه الكثيفة وغير المتوقعة وبينها قناطر إسنا بمحافظة قنا وقناطر أسيوط الجديدة و قناطر الدلتا وقناطر زفتى وهي تعد جزءاً من صمام أمن المياه.
وكشف عن قيام ري الانقلاب في شهر سبتمبر الماضي بفتح مفيض توشكى دون إعلان رسمي وذلك تحسباً لوصول فيضانات مع فتح إثيوبيا بوابات سد النهضة بشكل مفاجئ وهو ما استهدف أيضاً في ذلك الحين حماية السد العالي موضحا أنه كانت هناك مخاوف بشأن غرق محاصيل الأرز والذرة لكن فتح المفيض في ذلك الحين تأخر ما أدى إلى غرق 1000 فدان في محافظة البحيرة وبدت إدارة الأزمة غير متماشية مع أخطار الفيضان وهو ما كان مثار انتقادات عديدة .
إدارة الأزمة
وقال مصدر مطلع آخر، إن ما تعرضت له مصر قبل شهر تقريباً حينما غرقت أراضي زراعية لم يحدث منذ 55 عاماً ولم تكن إدارة الأزمة على المستوى المطلوب وهو ما فاقم من الخسائر معتبرا أن الإجراءات الحالية استباقية بالأساس، خاصة بعد أن وجدت جهات حكومية أن صورة السد العالي باعتباره قادراً على التعامل مع أي زيادة في معدلات المياه قد اهتزت وطرح ذلك تساؤلات عديدة حول دوره في التعامل مع مفاجآت إثيوبيا، وترتب على ذلك وجود رقابة آنية على موقف سد النهضة واستراتيجيات تشغيله المبهمة.
وأضاف المصدر أن وزارة ري الانقلاب تعمل هذه المرة على تقليص وتيرة الاتهامات الموجهة إليها مع ضعف إجراءات مواجهة التعديات على أراضي طرح النهر والتوغل على نهر النيل وهو ما قاد لغرق المنازل المبنية على أأراضي "طرح النهر" وهى أراضٍ منخفضة، تقع ضمن حرم النهر، وتكون عرضة للغمر مع زيادة التصرفات المائية.
اختفاء 144 جزيرة
ولفت إلى أن التقديرات تشير إلى أن الفيضانات الحقيقة لم تبدأ بعد وما حدث في مطلع أكتوبر قابل للتكرار بكميات أكبر خلال الأيام المقبلة موضحا أن مياه النيل القوية تحتاج إلى 15 يومًا لتصل من إثيوبيا إلى مصر .
وحذر المصدر من اختفاء 144 جزيرة في نهر النيل معرضة للغرق من بينها جزيرة الزمالك، وجزيرة الوراق، وجزيرة الدهب في الجيزة، بالإضافة إلى جزيرة فيلة السياحية بأسوان، الأمر الذي يتطلب إجراءات احترازية سريعة، مشيراً إلى أن تدخل وزارة الري جاء بعد ارتفاع منسوب بحيرة ناصر إلى 182 مترًا، مما استدعى فتح مفيض توشكى لتصريف المياه الزائدة، كما أن هذه الإجراءات جاءت لحماية السد العالي الذي تصل قمته إلى 192 م فوق سطح البحر.
