تشهد مصر في الآونة الأخيرة تصاعدًا مقلقًا في وتيرة اعتقال النساء والفتيات، في سياق ما وصفته منظمات حقوقية بأنه سياسة منهجية لاستهداف أسر المعتقلين السياسيين، أو ممارسة الاعتقال المباشر دون مبررات قانونية معلنة.
وقد رصدت منظمات حقوقية عدة وقائع حديثة تؤكد هذا التوجه، من بينها منظمة هيومن رايتس إيجيبت Human Rights Egypt والشبكة المصرية لحقوق الإنسان Egyptian Network For Human Rights ENHR.
ففي 16 ديسمبر، ألقت قوات الأمن القبض على الدكتورة شيرين شوقي أحمد، زوجة المعتقل عبد الشافي عبد الحي عبد الشافي البنا المحتجز بسجن دمنهور، لتظهر أمام نيابة أمن الدولة العليا في اليوم التالي، حيث تقرر حبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات وإيداعها سجن العاشر من رمضان، وقبلها بأيام، في 10 ديسمبر، اعتُقلت السيدة أسماء شحتة السيد محمد، لتظهر لاحقًا أمام النيابة بعد فترة من الاحتجاز، حيث صدر بحقها القرار ذاته.
هذه الوقائع، بحسب منظمة هيومن رايتس إيجيبت، تعكس سياسة واضحة في استهداف أسر المعتقلين، وتؤكد استمرار نهج القبض والاحتجاز التعسفي بحق النساء.
المنظمة طالبت بالإفراج الفوري عن المحتجزتين، ووقف اعتقال النساء واستهداف أسر المعتقلين، والالتزام بضمانات المحاكمة العادلة، وفتح تحقيق مستقل في وقائع الاحتجاز التعسفي (هيومن رايتس إيجيبت، 18 ديسمبر 2025).
وفي سياق أوسع، وثّقت الشبكة المصرية لحقوق الإنسان ENHR حملة اعتقالات موسعة خلال الأسبوعين الأخيرين، طالت ما لا يقل عن 17 سيدة وفتاة، من بينهن فتيات صغيرات السن.
وأشارت الشبكة إلى أن قوات الأمن الوطني نفذت اقتحامات متكررة لمنازل المواطنين، مصحوبة بترويع للسيدات والأطفال وكبار السن، قبل أن يتم اعتقال النساء قسرًا واحتجازهن لفترات متفاوتة داخل مقار الأمن الوطني في محافظاتهن، خارج إطار القانون، ودون تدخل من النائب العام أو نوابه في المحافظات المختلفة.
لاحقًا، جرى عرض المعتقلات على نيابة أمن الدولة أو النيابات العامة، التي أمرت بحبسهن 15 يومًا، مع ترحيل عدد كبير منهن إلى سجن «تأهيل 4» بالعاشر من رمضان.
وأكدت الشبكة أن هذه الاعتقالات لم تقتصر على القاهرة الكبرى، بل امتدت إلى محافظات الشرقية وغيرها، حيث تعرضت المعتقلات لاستجوابات وضغوط نفسية وصحية. ووفقًا لما تم رصده وتوثيقه، بلغ عدد المعتقلات خلال الأسبوعين الماضيين 17 سيدة وفتاة، وهو الحد الأدنى الذي تمكنت الشبكة من توثيقه، مع وجود أعداد أخرى قيد الرصد في أماكن احتجاز غير رسمية ومقرات الأمن الوطني.
الشبكة حمّلت السلطات الأمنية المسؤولية الكاملة عن هذا التدهور الخطير، معتبرة أن التوسع في اعتقال النساء والفتيات يتم فقط لكونهن قريبات لمعتقلين أو مطاردين أو نشطاء، أو لمجرد تعبيرهن عن رفضهن للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الخانقة.
وأشارت إلى أن هذه الممارسات تأتي في ظل انفلات أمني واضح وتدهور اقتصادي واجتماعي حاد، وانتشار الفساد والبلطجة والمحسوبية، وهي وقائع كشفتها مقاطع مصورة تداولها المواطنون وفضحت ممارسات شابت انتخابات مجلس النواب.
الشبكة شددت على أن الأجدر بقوات الأمن كان توجيه جهودها نحو مكافحة الفساد والبلطجة وحماية المجتمع، بدلًا من اعتقال المئات من نساء مصر (الشبكة المصرية لحقوق الإنسان، ديسمبر 2025).
إن تلاقي تقارير المنظمتين يبرز صورة قاتمة عن واقع حقوق الإنسان في مصر، حيث تتعرض النساء والفتيات لاعتقالات تعسفية، سواء كجزء من استهداف أسر المعتقلين أو ضمن حملات موسعة تفتقر إلى أي أساس قانوني.
هذه الانتهاكات، كما تؤكد المنظمات الحقوقية، تستدعي تدخلًا عاجلًا لوقفها وضمان احترام حقوق النساء والفتيات، وحماية المجتمع من ممارسات أمنية تتعارض مع أبسط مبادئ العدالة والحرية.
قال مصدر حقوقي: إن "نيابة أمن الدولة العليا قررت حبس "أسماء شحتة السيد محمد"، من قرية هرية رزنة بمركز الزقازيق محافظة الشرقية واعتقالها جاء الأربعاء الماضي 10ديسمبر 2025، وظهرت في نيابة أمن الدولة العليا السبت الماضي، وقررت النيابة حبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات، وتم إيداعها سجن العاشر من رمضان.
وقررت النيابة ذاتها، حبس د.شيرين شوقي أحمد، من مركز ديرب نجم، محافظة الشرقية وتعمل موظفة بمديرية الشباب والرياضة بالزقازيق بعد اعتقالها فجر الثلاثاء الماضي من مسكنها، وهي زوجة المعتقل عبد الشافي عبد الحي عبد الشافي البنا، المحبوس بسجن دمنهور على ذمة المحضر المجمع رقم 121 قسم أول العاشر من رمضان منذ 2020.
وجاء قرار نيابة أمن الدولة بحبسها 15 يومًا على ذمة التحقيقات، مع إيداعها سجن العاشر من رمضان.
وزوجها المواطن المعتقل عبد الشافي عبد الحي عبد الشافي 48 عاما، ليس عليه أيّ حكم، وجاء اعتقاله في 9/3/2020 من شقته في العاشر من رمضان، ومن ثم إخفائه قسريا لمدة اسبوعين.
وتعرّض عبد الشافي خلال فترة الإخفاء القسري للتعذيب بالكهرباء والتنكيل بعدة وسائل حتى أصيبَ بخلعٍ في الكتف وإصابة أخرى في الركبة، كما أن لديه مشكلة في الأعصاب حيث يعجز عن الإمساك بالأشياء، ولم يُعرَض على طبيب .
واعتقل "عبد الشافي" سابقاً في 2015 وأفرج عنه عام 2017، وأصيب بورم أثناء اعتقاله وحاول أن يبدأ العلاج مرّة أخرى، وبسبب الظروف الأمنية ترك منزله ومنطقته لينتقل إلى العاشر من رمضان، وعند تطور حالته المرضية اتفق مع الطبيب على لقاءٍ لتحديد موعد العملية لكنه تعرض للاعتقال قبل هذا اللقاء.
ومع موافقة إدارة السجن الذي اعتقل فيه عرض على طبيب الأورام في مستشفى الزقازيق، وأكد على إجراء عملية، إلا أن مباحث السجن أخفت التقارير وأصرت على ترحيله الى سجن الوادي الجديد، وهناك غير مسموح بدخول الأدوية إلا حسب الحالة المزاجية للمسؤولين عن السجن.
وعلق الحقوقي مسؤول صفحة "السيد خلف المحامي" (المعتقل بسجون السيسي) إن "اعتقال الستات في مصر… وصمة عار.. مش هيبة دولة، دي فضيحة دولة.".
وأشار إلى أما يحدث مع المعتقلات في مصر ليس من قبيل ال"صدفة ولا حالات فردية، ده ظلم متعمد وسياسة وسخة لكسر الناس من أضعف نقطة.
ستات بتتسحب من بيوتها، مش عشان ارتكبوا جريمة، لكن عشان زوجة فلان، أو أخت علان، أو أم حد مطلوب، وأحيانًا عشان كلمة اتقالت على فيسبوك.".
وتابع: "كل شوية حالة اعتقال جديدة، ولا قانون بيتطبق، ولا عدل موجود، إخفاء قسري، حبس احتياطي بالسنين، منع علاج وزيارات، وكل ده لستات ملهمش أي ذنب.".
وأكد أن "الدولة اللي تسجن ست عشان رأيها، أو تستخدمها وسيلة تخويف لغيرها، دولة مرعوبة وخايفة، مش قوية، السكوت على اللي بيحصل جريمة، والصمت مشاركة في الظلم. الحرية لكل ست مظلومة. الحرية للمعتقلات.".
