رغم دعوات الإدارة الأمريكية لبدء تطبيق المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، إلا أن الاحتلال الصهيوني يسعى إلى فرض سياسة الأمر الواقع، رغم إضفاء الصبغة القانونية الدولية على اتفاق وقف إطلاق النار بتمريره من مجلس الأمن الدولي، ويسعى الاحتلال إلى تقسيم غزة إلى مناطق آمنة ومناطق غير آمنة، تسيطر عليها حركة حماس.
وكشفت تسريبات صهيونية عن نزع سلاح المنطقة التي يسيطر عليها جيش الاحتلال بالقطاع، التي تتجاوز 50% من مساحة غزة، ولا توجد فيها حركة حماس.
وأشارت التسريبات إلى تمهيد منطقة الخط الأصفر لإعمار جزئي منفرد، بعيدًا عن المرحلة الثانية من اتفاق غزة، وهو ما يراه مراقبون بمثابة ورقة ضغط على الوسطاء وحركة حماس للمضي في نزع سلاحها بالمنطقة التي تسيطر عليها الحركة.
المرحلة الثانية
ووفق مراقبين فإن مثل هذا التحرك المنفرد يهدد بتعطيل المرحلة الثانية من الاتفاق لصالح أفكار صهيونية لتقسيم القطاع وعدم الانسحاب منه، حسبما نصت بنود خطة السلام التي بدأ تنفيذ المرحلة الأولى منها في 10 أكتوبر الماضي.
ونقلت القناة 12 الصهيونية عن مصدر أمني قوله: إن "جيش الاحتلال أوشك على الانتهاء من نزع السلاح من منطقة الخط الأصفر بقطاع غزة، الواقعة تحت سيطرته، وتمتد على طول شرق القطاع، وإنهاء عملية تطهير المنطقة بأكملها، وتشكل منطقة الخط الأصفر نحو 52% من مساحة القطاع".
وكشف المصدر أنه منذ «اتفاق غزة» في أكتوبر الماضي، عملت 6 ألوية داخل الخط الأصفر، ودمرت عشرات الكيلومترات من البنية التحتية فوق الأرض وتحتها، وفق المصدر نفسه، الذي تحدث عن أهمية نزع سلاح حماس بالمنطقة التي تسيطر عليها الحركة من القطاع.
تفجير وهدم الأنفاق
ونشر جيش الاحتلال ، خلال وقت سابق، لقطات تُظهر تفجير وهدم أنفاق تابعة لحركة حماس في الجانب المحتل من الخط الأصفر بمنطقة خان يونس في جنوب قطاع غزة، وفق ما ذكرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.
تأتي تلك التحركات بعد نحو أسبوع من نقل موقع صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن مسئول صهيوني أن دولة الاحتلال وافقت مبدئيًا على دفع تكاليف إزالة الأنقاض من قطاع غزة، وأن تتحمل مسئولية العملية الهندسية الضخمة، وذلك بعد طلب من الولايات المتحدة، وأنها ستبدأ بإخلاء منطقة في رفح جنوب القطاع من أجل إعادة إعمارها.
سلاح الحركة
في هذا السياق أكد المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال أن هذه التسريبات تمثل ضغطًا مباشرًا على الوسطاء وحماس لتعجيل نزع سلاح الحركة وعرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية .
وقال نزال في تصريحات صحفية: إن "الاحتلال يرى أن نزع سلاح الحركة الفلسطينية سيأخذ وقتًا وصعوبات في التنفيذ، فضلًا عن ترويج انتصارات زائفة للداخل الصهيوني" .
مسار إجباري
وقال الدكتور أحمد فؤاد أنور، خبير الشؤون الإسرائيلية: إن "دولة الاحتلال تضع بالفعل عراقيل عدة أمام الانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق غزة، مؤكدًا أن هذا يمثل العنوان الأبرز حاليًا فيما يتعلق لخطة ترامب".
وأضاف “أنور”، في تصريحات صحفية أن التعطيل من الجانب الصهيوني واضح ويتم تكريسه طوال الوقت، مشيرًا إلى محاولات دولة الاحتلال تكرار نفس التجربة مع لبنان.
وأوضح، أن الانتهاكات مستمرة، بينما الالتزام بالاتفاق يكون من جانب المقاومة، معربا عن اعتقاده بأن المرحلة الثانية مسار إجباري على حكومة الاحتلال في ظل موازين القوى، وتمكنت المقاومة من إعادة السيطرة على معظم المواقف رغم الخسائر البشرية والأمنية التي تكبدتها .
وأشار “أنور”، إلى الجهود الدولية والضامنة لكبح العدوان الصهيوني ومنعه من التمادي في الانتهاكات، موضحًا أنها قد تؤتي ثمارها خلال 15 يومًا، ما سيسمح بالدخول إلى المرحلة الثانية كمسار إجباري.
وكشف أن الخطورة تكمن فيما يحدث في الضفة الغربية دون أن يلتفت الإعلام العالمي أو يغضب المجتمع الدولي، بينما ما يحدث في غزة يتم بشكل تدريجي، في محاولة لتكييف الشعب الفلسطيني على الانتقال الإجباري والترحيل الجماعي من المخيمات والمناطق الزراعية إلى كانتونات.
وحول موافقة المجلس الوزاري الصهيوني المصغر على إقامة 19 مستوطنة في الضفة الغربية، قال “أنور”،: "هذا توسع واضح وإصرار على عرقلة إقامة دولة فلسطينية متصلة جغرافيًا، هذه خطوة تقضي على مبدأ حل الدولتين، إذ لن تتمكن الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية من ضمان صمودها على الأرض أو الحفاظ على تواصلها الجغرافي في الضفة الغربية بسبب العدد غير المسبوق من المستوطنات".
أعداد الشهداء
من جهة أخرى ارتفعت حصيلة الشهداء في قطاع غزة إلى 70,937 أغلبيتهم من الأطفال والنساء، منذ بدء عدوان الاحتلال في السابع من أكتوبر 2023.
وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن حصيلة الإصابات ارتفعت إلى 171,192 منذ بدء العدوان، في حين لا يزال عدد من الضحايا تحت الأنقاض ولا تستطيع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم.
وأشارت إلى أنه وصل إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الساعات الـ48 الماضية 12 شهيدا، بينهم 4 شهداء جدد، و8 شهداء جرى انتشال جثامينهم، و7 إصابات، فيما بلغت حصيلة الشهداء والإصابات منذ اتفاق وقف إطلاق النار في 11 أكتوبر الماضي 405 شهداء، و1,115 إصابة، وجرى انتشال 649 جثمانا.
