رغم انخفاض البطالة الرسمية، إلى 6.1 % بحسب تصريح رئيس حكومة السيسي مصطفى مدبولي إلا أن معدلات التشغيل الفعلية تراجعت، ما يعكس هشاشة سوق العمل.
وكشفت تقارير أن ملايين المصريين يعملون في وظائف غير مستقرة بلا عقود أو حماية اجتماعية، ما يجعل الأرقام الرسمية أقل دقة في تصوير الواقع.
وكشف حادث غرق قارب هجرة غير شرعية ووفاة 27 مصريًا، معظمهم شباب وفتيان صغار، لقوا مصرعهم جنوب جزيرة كريت، انطلاقًا من ليبيا وقالت تقارير أوروبية إن الفقر، والبطالة المرتفعة، والتضخم، والقمع الأمني عوامل تدفع الشباب للمخاطرة بحياتهم، في مأساة تكشف فشل السياسات الاقتصادية والأمنية في مصر.
وتشمل أسباب الهجرة غير النظامية من مصر عبر المتوسط البطالة ولذلك يسعون أساسا للبحث عن فرص للعمل أفضل في أوروبا، حسب تقارير من منظمات مثل الـIOM وFrontex. ويتحمل الشباب المخاطر العالية، مع آلاف الوفيات بالغرق سنويًا بسبب القوارب غير الآمنة. في 2025، سُجل أكثر من 1300 حالة وفاة أو فقدان.
مؤشر نومبيو
أما المؤشر الثاني فيتعلق بمستوى الأمان والجريمة على مؤشر نومبيو الذي يعتمد على استطلاعات الرأي حول الشعور بالأمان، لا الإحصاءات الرسمية فقط.
ويضع بين مؤشرات ارتفاع الجريمة وصولها للقاع، عوامل تشمل الفقر، والبطالة، والفساد فالتحرش في مصر مرتفع (42% شفهيًا، حسب Arab Barometer)، بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية. أمان المرأة منخفض (47% يشعرن بالأمان ليلاً، مؤشر WPS 2025) بسبب العنف والاضطرابات.
ومصر على مؤشر الأمان تحتل الترتيب 79 عالميًا في إحصاء شمل 148 دولة في تقرير لمؤشر "نومبيو".
وقال مدبولي إن البطالة كانت 13.5% عام 2013 وأصبحت 6.2% بفضل المشروعات القومية الكبرى، إلا أنه وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن نسبة البطالة في مصر بلغت 6.4% في الربع الثالث من 2025، ارتفاعاً من 6.1% في الربع الثاني، وتاريخياً، المتوسط 9.9% من 1993 إلى 2025.
تصريح مدبولي اتفق مع تصريحات محمد الحمصاني (المتحدث باسم الحكومة) الذي أكد أن المشروعات الكبرى رفعت التشغيل وخفضت البطالة إلى 6.2%.!
تقارير "صحيح مصر"
واعتبرت المنصة أن تصريحات مدبولي والحمصاني عن البطالة والتشغيل (مضلل) إذ يربط بين الإنفاق على المشروعات وتراجع البطالة، بينما البيانات الرسمية تُظهر أن معدل التشغيل انخفض من 44.5% عام 2013 إلى 41.3% عام 2024، أي أن عدد المشتغلين فعليًا تراجع رغم انخفاض البطالة الرسمية.
وذلك لأن معدل التشغيل السنوي انخفض من 41.8% عام 2014 إلى 41.3% عام 2024، ما ينفي وجود زيادة في فرص العمل.
ورأت السبب في التناقض: منهجية احتساب البطالة في مصر تُعتبر من يعمل ساعة واحدة أسبوعيًا "مشتغلًا". وتُستبعد من توقفوا عن البحث عن عمل بسبب الإحباط من قوة العمل، رغم أنهم بلا عمل فعلي. ويعمل ملايين المصريين في الاقتصاد غير الرسمي بأعمال متقطعة بلا عقود أو حماية، ويُسجلون كمشتغلين رغم هشاشة أوضاعهم.
ولا يعكس معدل البطالة الرسمي الواقع الحقيقي لسوق العمل، ويُخفي البطالة المقنّعة والمحبطين والمتسربين من قوة العمل. معدل التشغيل يقدم صورة أدق، وهو ما يُظهر تراجعًا في أعداد المشتغلين الفعليين خلال السنوات الماضية.
تطور معدل التشغيل السنوي:
2015: 40.8%
2016: 40.8%
2017: 39.7%
2018: 39%
2019: 38.9%
2020: 38.2%
2021: 39.7%
2022: 39.6%
2023: 40.4%
2024: 41.3%
ورغم انخفاض البطالة الرسمية في عهد السيسي، فإن معدلات التشغيل تراجعت، ما يعكس تدهورًا في أحوال العمل ويكشف أن الأرقام الحكومية تُستخدم لتجميل الواقع الاقتصادي أكثر من وصفه بدقة.
وقالت الدكتورة أماني بسيوني إنها أجرت دراسة على 2700 مفردة وتوصلت إلى أن نسبة البطالة بين خريجي بعض الكليات مثل العلوم الاجتماعية وأقسام الصحافة وخاصة بين الفتيات بلغت 69%.
وحذر د. حسن الصادي أستاذ الخبير الاقتصادي والمالي المصري من "أن الاقتصاد المصري ضرب فيه سرطان اسمه الديون. وأن كل إيرادات الدولة لا تكفي لسداد فوائد الدين الداخلي والخارجي، ولا تقترب من استحقاقات أصل الدين نفسه. ولأن الدولة عاجزة عن سداد أصل الدين، يتم مبادلة الديون ببيع أصول الدولة ثم يتم خلط المفاهيم عند الناس التي لا فكرة لديها عن الاقتصاد. والدائن ينتقي ويختار ما من أصول مصر أفضل المشاريع الاستثمارية وأحسن الأراضي والمواقع مقابل أمواله."
وبلغ المعدل الوطني للفقر في مصر 33.5% حسب البنك الدولي (2021)، ناتج عن التضخم، والبطالة، والنمو السكاني، والأزمات الاقتصادية رغم الاكتشافات النفطية. أما الأمية، فحوالي 26% (معدل الإلمام 74%) في 2022 حسب اليونسكو، بسبب تحديات التعليم في المناطق الريفية، مع تحسن تدريجي.
وقالت @SaheehMasr إن مدبولي يربط بين الإنفاق على المشروعات القومية وتراجع البطالة، مقدّمًا ذلك كدليل على تحسّن أوضاع سوق العمل، بينما تُظهر البيانات الرسمية أن تراجع البطالة لم يتزامن مع توسّع في التشغيل، بل مع انكماش فعلي في معدلات التشغيل، بما يعكس تدهورًا في أحوال العمل، على عكس ما ادعاه رئيس الوزراء.
وعن معدل البطالة أشارت إلى أن أرقامه لا تعكس الواقع الحقيقي لسوق العمل، ويُخفي حجم البطالة المقنّعة والمحبطين والمتسربين من قوة العمل، بينما يقدم معدل التشغيل صورة أكثر دقة ومصداقية عن عدد من يعملون فعليًا مقارنة بالسكان في سن العمل، وفق مصدر بالجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
