التقشف على الأبواب.. تفاقم أزمات “بن سلمان” وعيال زايد بسبب “كورونا” وتهاوي أسعار النفط

- ‎فيتقارير

يوما بعد يوم تتفاقم معاناة السعودية والإمارات وباقي دول الخليج جرَّاء تداعيات فيروس كورونا، واستمرار تهاوي أسعار النفط عالميا، خاصة في ظل اعتماد اقتصاد تلك الدول بشكل كبير على النفط، الأمر الذي دفع خبراء الاقتصاد لتوقع اتجاه تلك الدول لفرض حالة تقشف خلال الفترة المقبلة.

أسعار النفط

ولم يفلح اتفاق منظمة أوبك+ الذي تم الإعلان عنه منذ عدة أيام في وقف نزيف أسعار النفط؛ حيث سجلت عقود برنت عند التسوية 29.60 دولار للبرميل، منخفضة 2.14 دولار بنسبة 6.74% خلال تعاملات الثلاثاء، كما هبطت العقود الآجلة للخام الأمريكي 2.30 دولار، أو 10.26%، لتسجل عند التسوية 20.11 دولار للبرميل.

وأفادت مصادر مصرفية لوكالة “رويترز” بأن شركة “أرامكو” السعودية، دخلت في محادثات أولية مع عدد من البنوك لاقتراض حوالي 10 مليارات دولار، مشيرة إلى أن 10 مليارات دولار هو المبلغ الذي يريدون الحصول عليه ومن غير الواضح ما إذا كانوا سيتمكنون من الحصول على ذلك”، وذكر مصدر ثان أن بين البنوك المشاركة في المحادثات مصرفي HSBC وJP Morgan وأيضا بنوك في الخليج.

ويري مراقبون أن مشكلة تلك الدول وخاصة السعودية تكمن أيضا في الفساد المستشري داخل النظام الحاكم، مشيرين إلى أن كانت وما زالت مشكلة الفساد في النظام الاقتصادي السعودي أحد أهم معوقات التطور والإصلاح في المملكة؛ حيث إن محاربة الفساد الانتقائية التي يقودها النظام الحاكم الحالي ما هي إلا خطوة لتدوير رؤوس الفساد من أيدي الحرس القديم إلى الحرس الجديد أو الأقلية الحاكمة الجديدة، في سبيل أن يُمنح الولاء المطلق لحاكم الأمر الواقع ولي العهد محمد بن سلمان.

ويشير المراقبون إلى أن أحد أبرز مظاهر الفساد تتمثل في امتناع النظام عن النشر علنا لمخصصات العائلة الحاكمة من إيرادات النفط، وغيرها من مخصصات “دفتر الشيكات” المرتبطة بتعزيز النفوذ السياسي، ، مشيرين إلى أنه من غير المنطقي أن يقوم ولي العهد وجهازه البيروقراطي بمراقبة نفسه بنفسه، خاصة بعد أن نصب نفسه رئيسا لهيئة مكافحة الفساد، ورئيسا لعشرات الهيئات الحكومية الرسمية.

وكتب الصحفي الإقتصادي مصطفى عبد السلام، عبر صفحته على يسبوكك “من فترة لأخرى تشهد دول الخليج ظاهرة إنهاء خدمات مئات الآلاف من الموظفين الوافدين، خاصة العاملين في الجهاز الإداري للدولة وشركات القطاع العام، وهذه الظاهرة يطلق عليها اسم “التفنيش”، أو موسم “التفنيشات” وتعني الاستغناء عن جزء من العمالة الوافدة أو الأجنبية، خاصة أصحاب الرواتب المرتفعة، وخفض الرواتب وتجميد التوظيف”، مشيرا إلى أن ظاهرة إنهاء التعاقد ارتبطت بشكل رئيسي بتراجع أسعار النفط في الأسواق الدولية، فعندما يحدث مثل هذا التراجع، تهتز الموازنات الخليجية التي تعتمد بشكل أساسي على إيرادات الخام الأسود”.

التقشف الإجباري

وأضاف عبد السلام: في هذه الأيام بدأ موسم جديد للتفنيشات في دول الخليج؛ حيث بدأت وزارات وجهات الحكومية في بعض دول مجلس التعاون بإنهاء تعاقد موظفيها من العمالة الوافدة، تستوي في ذلك كل القطاعات، نفط وطاقة، بناء وتشييد، صحة وتعليم، وحتى عمالة منزلية، وامتدت الظاهرة إلى القطاع الخاص؛ حيث لجأت شركات وبنوك إلى الاستغناء عن جزء من موظفيها مع خفض رواتب آخرين لم يتم إنهاء تعاقدهم بعد، وباتوا مخيرين بين الخفض أو الاستغناء عنهم”.

وتابع عبد السلام قائلاً: “مواسم “التفنيشات” الحالية ربما يكون الكبرى في دول الخليج، فهذه الدول تواجه أزمة مزدوجة تتمثل في تهاوي أسعار النفط، إما بسبب الفائض الضخم في الأسواق الدولية، أو بسبب استمرار تفشي وباء كورونا والذي أدى إلى حدوث تراجع حاد في الطلب العالمي على النفط ومشتقاته بسبب توقف حركة المصانع والمنشآت المستهلكة للوقود وحركة الطيران والقطارات والسيارات وإغلاق محطات الوقود في أوروبا والعديد من دول العالم التي طبقت الحجر الصحي وحظر التجول، وهو ما أدى إلى تهاوي أسعار النفط وفقدانه 70% من قيمته في الربع الأول من العام الجاري”.

وحول الاتفاق الذي تم بين تحالف أوبك بلاس، قال عبد السلام: “رغم قرار أوبك والمتحالفين معها مثل روسيا وغيرها قبل أيام خفض الإنتاج النفطي بواقع 20 مليون برميل يوميا، إلا أن هذا الخفض لن يرفع أسعار النفط لأكثر من 50 دولارًا للبرميل طالما استمر وباء كورنا وتراجع الطلب العالمي على الطاقة، وهذا السعر يعني تعمق خسائر معظم دول الخليج، خاصة السعودية التي تحتاج إلى سعر 91 دولار للبرميل لإحداث توازن في مركزها المالي وعدم تحقيق عجز في الموازنة العامة”.

وأضاف عبد السلام: “مع بقاء الحال على ما هو عليه بسبب كورونا، فإن دول الخليج ستواصل سياسة “تفنيش” العمالة الوافدة، في انتظار طفرة مقبلة في الأسعار، قد لا تأتي في القريب العاجل خاصة مع اكتفاء الولايات المتحدة من النفط، واعتماد العالم أكثر على الغاز والوسائل البديلة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية والنووية والرياح”، مشيرا إلى أن “استغناء دول الخليج عن العمالة الوافدة ليس بالأمر السهل، إذ يمكن أن يترك القرار آثارًا خطيرة على الاقتصاديات الخليجية، خاصة إذا ما عرفنا أن أكثر من ثلثي العمالة (69.3%) في هذه الدول هي عمالة أجنبية وافدة، وبما يعادل 20 مليون عامل”.

الفساد المستشري

وأشار عبد السلام أن “العمالة الوافدة تمثل نحو 89% من العاملين في القطاع الخاص، وأن هذه العمالة تؤدي أدوارًا مهمة لهذه الاقتصاديات، وليس من السهل الاستغناء عنها، خاصة في قطاعات حساسة مثل النفط والغاز والبنوك والصحة والتعليم، وحتى المهن الحرفية والعمالة المنزلية التي لا يُقبل عليها المواطن الخليجي، وبالتالي لا بديل محليًّا لها حتى الآن”.