في الأيام الأخيرة، أثار طلب صبري نخنوخ ـ الذي خرج بعفو رئاسي عام 2018 ـ برد اعتباره أمام محكمة القاهرة الجديدة، موجة واسعة من الجدل بين النشطاء والسياسيين والحقوقيين. القضية لم تُقرأ فقط في سياقها القانوني، بل تحولت إلى مرآة تكشف عن أزمة أعمق في مفهوم العدالة داخل مصر، حيث يُمنح العفو والاعتبار لمدانين في قضايا جنائية خطيرة، بينما يظل سجناء الرأي والسياسة خلف القضبان بلا أمل في الإنصاف.
واستعانت حكومة الانقلاب ودولة العسكر بصبري نخنوخ بعد خروجه بعفو رئاسي عام 2018 عبر إدماجه في منظومة الأمن غير الرسمية، حيث ارتبط اسمه بشركة “فالكون” للحراسات الخاصة التي تعمل تحت إشراف الأجهزة السيادية، ليصبح بمثابة “وزير داخلية ظل” يخدم النظام في ضبط الشارع عبر شبكات البلطجة والخدمات الأمنية، رغم سجله الجنائي الثقيل.
ونخنوخ البلطجي وُلد عام 1963، لأبوين مسيحيين وذاع صيته كأحد أخطر البلطجية في مصر، بل لُقّب بـ”أمير البلطجية” و”وزير الداخلية الموازي”، وقاد فريق بلطجية موقعة الجمل وقتل المتظاهرين إبان ثورة يناير وأُلقي القبض عليه عام 2012 بتهم البلطجة، وحيازة أسلحة ومخدرات، وإدارة شبكات دعارة، وحيازة حيوانات مفترسة وصدر ضده حكم بالسجن المؤبد عام 2013.
أبرز ما قاله النشطاء والسياسيون والحقوقيون
وأشار القاضي أيمن الورداني إلى أن “نخنوخ” خرج بعفو من السيسي عام 2018، والآن يطالب برد اعتباره عن قضايا البلطجة والمخدرات وحيازة السلاح، وهو ما يثير تساؤلات حول طبيعة العدالة في مصر.
وفي مايو 2018، شملته قائمة العفو الرئاسي الصادرة عن السيسي، وتضمنت 330 سجينًا اسمه، رغم أن الحكم كان مؤبدًا، ولكن قانونا يمنح “الرئيس” سلطة العفو عن العقوبة النهائية دون التقيد بمدة زمنية.
واستند محاميه إلى حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية نص قانوني كان يمنع تخفيف عقوبة حيازة الأسلحة، مما فتح الباب أمام إدراج نخنوخ في قائمة العفو.
الترشح للانتخابات
وقرأ الحقوقي هيثم أبو خليل طلب نخنوخ، برد الاعتبار أنه يريد الترشح في الانتخابات مذكّرًا بأنه حكم عليه بـ28 عامًا بسبب قضايا أسلحة ومخدرات وحيوانات مفترسة، لكنه خرج بعد 6 سنوات فقط بعفو رئاسي، مع “الطرمخة” على تهم الدعارة والبلطجة والتزوير.
https://x.com/haythamabokhal1/status/2003696448769314978
الناشط والطبيب يحيى غنيم اعتبر أن الدولة لم ترد اعتبارًا لأي سجين سياسي أو مدني كما فعلت مع نخنوخ والعرجاني، واصفًا نخنوخ بـ”وزير داخلية الظل”، والعرجاني بـ”الرجل الثاني في دولة العسكر”، محذرًا من أن انتقاد هؤلاء قد يكون أخطر من انتقاد كبار المسئولين.
وهو ما يشير إلى أن الدولة لم تعفُ عن نخنوخ عبثًا، بل وظفته كأداة ضمن منظومة السيطرة الأمنية غير الرسمية. وأن العفو الرئاسي كان بمثابة إعادة تدوير لشخصية مثيرة للجدل، وتحويلها من مدان جنائي إلى عنصر يخدم النظام في إدارة الأمن والسيطرة على المجتمع.
وعبر @YahyaGhoniem أشار إلى أنك ” تستطيع أن تنتقد وتُشَرِّح كل رجالات الدولة المصرية بأمان، أما إذا أسأت إلى الذات البلحية أو الهيبة العرجانية فلن تبيت آمنا فى بيتك ولن يشفع لك كل نفاقك وتطبيلك وخبلك!!!”
https://x.com/YahyaGhoniem/status/2003909689361490010
واعتبر الحقوقي جمال عيد أن أبرز المفارقة بين خروج رجال أعمال مدانين بجرائم قتل وفساد مثل هشام طلعت مصطفى وأحمد عز، وبين استمرار سجن مناضلين ضد الفساد مثل يحيي حسين وعبدالخالق فارق، مؤكدًا أن مصر تعيش كارثة ..
وعبر @gamaleid دعا إلى “.. الحرية لسجناء الرأي.. العدالة لكل السجناء.. الحرية لمصر.. الحياة للعدالة المقتولة عمدا”.
https://x.com/gamaleid/status/2003850522437067187
وربط الناشط عبدالرحمن مطر بين نخنوخ والعرجاني وصداقة محمود السيسي، موضحًا أن كليهما خرج بعفو رغم تورطهما في جرائم خطيرة، وأصبحا اليوم من أقوى رجال الدولة، يمتلكان ميليشيات وشركات أمنية، في حين يُسجن رموز الإصلاح مثل باسم عودة.
وعبر @AbdElrahma41413 أشار إلى أنهما من أقرب المقربين لمحمود السيسي (نجل السيسي)، وهو ما يفسر نفوذهما المتصاعد.
وأشار إلى أن “نخنوخ” ظهر في صور قديمة مع أسلحة ثقيلة مضادة للطائرات وأن طلبه رد اعتباره، هو على سبيل الغيرة من صديقه العرجاني الذي حصل على مكانة أكبر منه.
في حين أن العرجاني برأيه “الرجل الثاني في مصر”، ويقود ميليشيات باسم كتائب الهيثم، ويمتلك نفوذًا سياسيًا واقتصاديًا واسعًا.
ويرى الكاتب أن نخنوخ والعرجاني في مرحلة التسمين السياسي، وأن دورهما القادم قد يشبه دور حميدتي في السودان (قائد قوات الدعم السريع).
https://twitter.com/AbdElrahma41413/status/2004156949739216981
ويعد نخنوخ أكثر من خدم الإنقلاب عبر شبكات البلطجة التي يديرها، والتي يمكن استخدامها كعصا غليظة إن حاول الغضب الاجتماعي التفريغ، ووفر يوفر لـ”الدولة” ذراعًا أمنية إضافية خارج الشرطة.
وهو على ما يبدو مرتبط بشبكة أو تحالف رجال أعمال نافذين وشبكات اقتصادية وأمنية، فضلا عن يد النظام الباطشة.
ويأتي إخراج نخنوخ لسانه لشهداء يناير (الأكثر وضوحا على جرائمه) بعد وقاحته في طلب رد اعتبار بعد الإفراج والعفو!، مع استمرار سجن أصحاب الرأي والمعارضين السياسيين والشرفاء وخدام المجتمع.
