موقف الإسلاميين في المغرب من إعلان الملك التطبيع مع الاحتلال الصهيوني

- ‎فيعربي ودولي

بعد صمت دام يومين، أصدر حزب "العدالة والتنمية" المغربي الذي يقود الائتلاف الحكومي، بيانا يكشف فيه عن موقفه من التطبيع الذي أعلنه العاهل المغربي محمد السادس مع الكيان الصهيوني؛ وأكد البيان رفضه لخطوة التطبيع بشكل غير مباشر؛ حيث شدد البيان على أن « العمل من أجل ترسيخ "مغربية الصحراء"، لن يكون على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة».
والخميس، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، موافقة المغرب على التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأنه وقع اعترافا بسيادة المغرب على إقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو" منذ العام 1975. وبهذا الإعلان، يكون المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع الاحتلال، إثر قطع موريتانيا علاقاتها مع تل أبيب في 2010، وهو ما يعتبر اختراقا إسرائيليا لافتا لمنطقة المغرب العربي. ويصبح المغرب رابع دولة عربية توقع اتفاق تطبيع أو توافق على التطبيع مع الاحتلال خلال العام 2020، بعد توقيع الإمارات والبحرين اتفاقي تطبيع في 15 سبتمبر الماضي، وإعلان السودان، في 23 أكتوبر الماضي، الموافقة على التطبيع تاركا مسؤولية إبرام اتفاق بهذا الخصوص إلى المجلس التشريعي المقبل (لم ينتخب بعد).
البيان الصادر عن الأمانة العامة للحزب مساء السبت 12 ديسمبر 2020م جاء تعليقا على المستجدات الأخيرة بما فيها الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على "الصحراء" المتنازع عليها مع جبهة البوليساريو منذ 1975، وإعلان العاهل المغربي استئناف العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال الإسرائيلي.

رفض التطبيع

وفي ذات الوقت الذي أعلن فيه بيان الحزب رفضه لخطوة التطبيع بشكل غير مباشر تجنبا للصدام مع العاهل المغربي المسئول بشكل مباشر عن خطوة التطبيع باعتباره وفق الدستور المغربي مسئولا عن وزارات الدفاع والداخلية والخارجية والإعلام والمالية، أشاد البيان بقرارات العاهل المغربي، و"ما نتج عنها من إنجازات تاريخية وتحولات إستراتيجية"، على حد وصفه، مؤكدة تعبئة الحزب تجاه تأييد هذه "الإنجازات".
وربط البيان بين هذه الخطوة والاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء المغربية واتصال العاهل المغربي برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أبو مازن، حيث شدد العاهل المغربي على أن "المغرب يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة".
كما أكد ملك المغرب، خلال نفس الاتصال، على "الحفاظ على الطابع الخاص لمدينة القدس والطابع الإسلامي للمسجد الأقصى"، بصفته رئيس لجنة القدس.
وذكرت الأمانة العامة بـ"مواقف الحزب الثابتة من الاحتلال الصهيوني، وما يقترفه ضد الشعب الفلسطيني من جرائم تقتيل وتشريد وعدوان على المقدسات، وفي مقدمتها الاعتداءات المتواصلة على المسجد الأقصى ومصادرة أراضي الفلسطينيين، وإنكار حق العودة في خرق سافر لكل المواثيق والقرارات الدولية، ومحاولاته تطبيع علاقاته واختراق المجتمعات الإسلامية".
وكان رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني قد أكد في أول تصريح له بعد إعلان اتفاق التطبيع على موقف بلاده الداعم لقضية فلسطين، وجاء ذلك في كلمة ألقاها العثماني خلال ندوة لمؤسسة "عبد الكريم الخطيب للدراسات والفكر"، الجمعة11 ديسمبر 2020م، مؤكدا أن الموقف المغربي عموما يبقى باستمرار داعما للقضية الفلسطينية". مشيرا إلى محتوى الاتصال الهاتفي بين الملك ورئيس السلطة. وأكد على موقف بلاده الرافض لـ"صفقة القرن، ولانتهاكات سلطات الاحتلال الإسرائيلية، وخصوصا المحاولات الوطيدة لتهويد القدس في المراحل الأخيرة".

مواقف أخرى

وأمام موقف "العدالة التنمية" المشارك في الائتلاف الحكومي، عبرت جماعة "العدل والإحسان" في بيان لها، "عن إدانتها الشديدة لقرار التطبيع الذي اتخذته السلطة المغربية مع الكيان الصهيوني الغاصب لأرض فلسطين"، معتبرة أن هذا القرار "يتنافى مع المواقف التاريخية والآنية للشعب المغربي الداعم لإخوانه في فلسطين ولحقهم الكامل في تحرير أرضهم والعودة إلى ديارهم". فيما وصفت حركة "التوحيد والإصلاح"، الذراع الدعوي لحزب "العدالة والتنمية"، عزم المغرب استئناف الاتصالات الرسمية الثنائية والعلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل بـ"التطور المؤسف والخطوة المرفوضة"، مؤكدة على موقفها "الرافض والمستنكر لكل محاولات التطبيع والاختراق الصهيوني". كما دعت حركة التوحيد والإصلاح القوى المجتمعية الحية إلى "التكتل وتوحيد الجهود من أجل التصدي لخطر الاختراق الصهيوني ومناهضة كافة أشكال التطبيع".

كما دعت رابطة علماء المغرب العربي الجمعة 11 ديسمبر 2020م، السلطات المغربية إلى إعادة النظر في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدة أن "هذا الأمر سيبقى وصمة عار في جبين بلد قام بواجبه في الدفاع عن قضية الأمة لعقود".
وذكرت الرابطة في بيان لها "تلقينا بأسى كبير عزم المملكة المغربية على التطبيع مع الكيان الصهيوني، وإقامة علاقات دبلوماسية واقتصادية موسعة"، مؤكدة أن "هذا العمل لا يليق بمكانة المغرب، الذي يترأس لجنة القدس، والذي كان له دور بارز في الدفاع عن فلسطين وقضيتها (..)". وأعربت الرابطة عن أسفها من قبول المغرب بالوقوف في طابور المطبعين، مضيفة أننا "نربأ أن ينزل إلى مستواهم، أو يخوض كالذي خاضوا، والمؤمل أن يكون راعيا بحق لحقوق إخوانه المظلومين والمقهورين من أبناء الشعب الفلسطيني". وذكّرت الرابطة بحرمة التطبيع وإقامة العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، مشيرة إلى أن "هذا الحكم اتفق عليه علماء المسلمين بمختلف مؤسساتهم وهيئاتهم العلمية، منذ نشأة هذا الكيان واحتلاله لبلاد المسلمين، وكل صوت يخالف هذا الإجماع لا ينبغي أن يحفل به". وأكدت أن فلسطين هي قضية المسلمين جميعا، وأن تحريرها من المحتل واجب ملقى على عاتق البلدان الإسلامية كلها، منوهة إلى أن "الكيان الصهيوني عدو للأمة، ومحتل غاصب لأرضها المقدسة، ولا يجوز لمسلم أن يعتبره صاحب حق فيها (..)". وطالبت الحكومات في الدول الإسلامية بعدم التساهل في قضية فلسطين، تحت أي مساومة أو ضغط داخلي أو خارجي، موضحة أن "هذا يقوي لحمتها مع شعوبها المطبقة على رفض التطبيع مع هذا الكيان الغاصب"، بحسب تعبير البيان.