عندما تكون الوجبة المدرسية قضية أمن قومي

- ‎فيمقالات

قال أحد الكتاب الإنجليز فى كتاب عن الشعوب: "إن  جميع شعوب العالم تثور عندما تجوع إلا الشعب المصري يثور عندما يشبع" .

فَطِنَ الإنجليز لذلك، وصدّروا المثل القائل: (أجِع كلبك يتبعك).

وهو مثل عربي قديم يُذكر في القوم اللئام في كيفية الطَريقة التي يجب أن يعامَلوا بها .

وكان من شعارات الثورة التشيلية: "إذا لم يتوفر الخبز للفقراء فلن يتوفر الأمن للأغنياء" .

ولقد كان أحد شعارات ثورة يناير: "عيش حرية عدالة اجتماعية" .

فالشعب المصري لا يكسره شيء مثل الفقر، وهذا ملاحظ ، فعندما يمتلك المصري.. يفجر ويطغى؛ لذلك فمن يريد السيطرة على هذا الشعب لتدجينه؛ فعليه أن يشغله بلقمة عيشه؛ حتى لايفكر فى شيء .

لذلك سعى العسكر منذ خمسينيات القرن الماضي لإجاعة هذا الشعب وإذلاله وإهانته وكسر كبريائه؛ فكانت النتيجة خضوعا وانكسارا لضمان عدم ثورته؛ فكيف إذا أضيف إلى تجويع الشعب القهر والقمع؟ !!

قال قائد الانقلاب _فضَّ الله فاه _ خلال افتتاح شركة سايلو فوودز : "إن الوقت قد حان لزيادة ثمن رغيف الخبز والذي يباع بـ 5 قروش" . واستمر  قائلاً : "جه الوقت إن رغيف العيش أبو 5 قروش يزيد ثمنه .. مش معقول أدي 20 رغيف بثمن سيجارة" . "هذا أمر يجب أن يتوقف" . "أنا اللي هشيل مسؤولية زيادة ثمن رغيف الخبز مش الدكتور مدبولي" . "ومحدش يقولي سعر الرغيف متقربش منه .. لأ هقرب منه" .

"سنرفع سعر الرغيف لأننا مؤتمنون على مصير الشعب وليس على الكراسي التي نجلس عليها" .

"الكلام ده لازم يتوقف ونعيد تنظيمه بشكل مناسب ، رغيف العيش بيكلفنا 65 قرشاً ، وهذا الأمر لازم يتوقف ، الوجبات المدرسية تتكلف 8 مليارات جنيه سنوياً ، وتتحملها الدولة من ميزانيتها" .

ولهذا الأفّاك نقول: مسألة مقارنة الرغيف بالسجائر مقارنة ظالمة، وفيها مغالطة كبيرة ، لأنه لايمكن مقارنة سلعة أساسية بسلعة ترفيهية ضارة بالصحة .

والحكومات تفرض ضرائب مرتفعة على السجائر للحد من أعداد المدخنين بسبب الأضرار الناجمة عن التدخين .

الواضح أن موضوع رفع سعر الرغيف هو مجرد سبوبة جديدة للعسكر يحاولون من خلالها الحصول على مزيد من مليارات الجنيهات من قوت الشعب تحت ستار الوجبات المدرسية .

ونذكِّرُ هنا بما روته السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله ﷺ في بيتي هذا يقول : ( اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشقّ عليهم فاشقق عليه ، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به) رواه مسلم .

وسوف يتم رفع سعر رغيف الخبز لإفساح المجال لشركة "سايلو فوودز" لتحقيق أكبر قدر من المكاسب من قوت الغلابة .

وللأسف.. فقد وجد قائد الانقلاب من يطبل له من علماء السلطة والإعلاميين المأجورين .

فهذا أحدهم وهو نقيب الفلاحين "الحاج حسين عبدالرحمن ابوصدام" _ والذي كان يُنْتظر منه أن يدافع عن الفلاحين الغلابة_  يقول : "إننا طالبنا منذ عام بضرورة النظر في سعر رغيف الخبز المدعم واستجاب لنا الرئيس لأن رغيف الخبز المدعم يباع كعلف للمواشي والدواجن بعد تنشيفه بسعر  الكيلو 3 جنيه ، وأن إعادة تسعير رغيف الخبز المدعم هي عين الحكمة ، وتبدو بالنظرة السطحية ضد مصلحة المواطن ، لكن هي كلمات رئيس شريف أمين على المصلحة العامة ، لا يعنيه كثرة التطبيل ولا الشعبية الزائفة!! بقدر ما يعنيه المصير العام للدولة المصرية والمصلحة العليا للعباد والبلاد" .

وكما يقال (يكاد المريب أن يقول خذوني) فقد قال هذا "المطبلاتي" في مداخلة له على إحدى فضائيات الانقلاب :" إن الرئيس السيسي ردّ الاعتبار والكرامة لرغيف الخبز المصري الذي أُهدرت كرامته" ، معقِّباً : "المفروض نشيله فوق الراس ، أنا مش بطبِّل .. أنا كلامي للصالح العام ومستعد لتحمّل كل الشتائم لأني أتكلم عن مصلحة الدولة ، ومن الضروري تقنين وضع الدعم في كافة السلع" .

 وقد وعد قائد الانقلاب قبل 6 سنوات بعدم المساس برغيف الخبز ، عندما قال : "لم يُمس ولن يُمس"؛ فأين هذا الوعد؟؟ .

وإذا كان نقيب الفلاحين قد قام بوصلته التطبيلية وهو يعلم أنه كذاب ويتحرى الكذب .. فإن السؤال المحيّر : ما الذى يحمل المدعو "أحمد كريمة" على الإشادة بعزم قائد الانقلاب على زيادة سعر رغيف الخبز؟؟!! .

فقد قال كريمة هذا : "إن سعر الخبز في مصر لا مثيل له على مستوى العالم، معبّراً عن تأييده الكامل لهذا القرار الذي وصفه بالقرار الصائب والموضوعي".

وحاول هذا الشيخ أن يضفي صفة الشرعية على قرار قائد الانقلاب_ الفاقد للشرعية من أساسه _ بقوله :

"إن تصرفات ولي الأمر أو الحاكم منوطة بالمصلحة ، فحيثما كانت المصلحة فثم شرع الله !! آن الأوان لتصحيح مسار إهدار أموال الشعب في دعم لا يصل حقيقة إلى الغرض الموضوع من أجله ، وأن العربات الكارو تجوب المناطق الريفية وتجمع الخبز الملقى في البيوت والذي أصابه العفن وتشتريه ليُصنع منه مشروب محرم ، وهو مشروب البوظة" .

ولهذا (المطبلاتي) نقول : أنه يجب منع مشروب البوظة المحرم، وليس رفع ثمن الخبز والإجهاز على الفقراء والمعوزين؟!! .

أما الإعلاميون المأجورون الذين يقتاتون على آلام الفقراء وعلى طريقة _ أن رفع سعر الرغيف يصب فى مصلحة المواطن _!! فقد نشروا كذباً وزوراً وبهتاناً أن هناك فرحة كبيرة من المواطنين بزيادة أسعار الخبز!! قائلين: "كان بيترمي فى الزبالة" .

أما سبب عنوان المقال فهو ما قاله عماد الدين حسين ، فقد اعتبر الوجبة المدرسية مسألة أمن قومي لبناء جيل قوي ليس عبئاً على الدولة .

أما ضياع مياه النيل وبيع تيران وصنافير وضياع ثروات مصر فهى مسألة أمن مركبات !! .

ولله الأمر من قبل ومن بعد ، ولك الله يا مصر الحبيبة .