• وَفَعَلَ هودُ الأمرَ نفسه مع قومه: (قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلَا تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ [هود:54- 57].
• وشعيب ضرب المثل فى حسن التوكل على الله، والاعتصام به؛ (قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ قَدِ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ) [الأعراف: 88، 89].
• ومؤمن آل يس الذى استبشر بقتله؛ (قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا كُنَّا مُنْزِلِينَ إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ خَامِدُونَ) [يس: 26- 29].
• ولقد ضرب السعدان (سعد بن معاذ سيد الأوس، وسعد بن عبادة سيد الخزرج)، المثل فى عزة وثبات من يعزِّر الله، وينصره، ويوالى أولياءه.. لما أراد النبى ﷺ أن يصرف الأحابيش عن المدينة فى غزوة الأحزاب، أغرى زعماءهم بالحصول على ثلث ثمار المدينة مقابل الرجوع من حيث أتوا. فلما علم (السعدان)، دار بينهما وبين الرسول ﷺ الحوار التالى:
– السعدان: يا رسول الله! أمرًا تحبه فنصنعه، أم شيئًا أمرك الله به؛ فلا بد لنا من العمل به، أم شيئًا تصنعه لنا؟
– النبى ﷺ: بل شىء أصنعه؛ والله ما أصنع ذلك إلا لأننى رأيت العرب قد رمتكم عن قوس واحدة وكالبوكم من كل جانب، فأردتُ أن أكسر عنكم من شوكتهم إلى أمر ما.
– سعد بن معاذ: يا رسول الله! قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قِرًى أو بيعًا، أفحين أكرمنا الله بالإسلام وهدانا له، وأعزنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟! والله ما لنا بهذا من حاجة، والله لا نعطيهم إلا السيف حتي يحكم الله بيننا وبينهم.
– النبي ﷺ: فأنت وذاك».
إنها عزة المسلم واستعلاؤه بإيمانه؛ الذى لا يسمح بأن يكون للكافرين أو الظالمين أو المنافقين عليه سبيلاً؛ (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) [النساء: 141]، وإنها الكرامة التى تجعل المؤمنين هم الغالبين، المفلحين، وإنه الفضل من الله الذى يكف به أذى الطغاة والظالمين عن الصالحين؛ (وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا) [الأحزاب: 25].
فمن أراد جنى ثمار العزة، من إشراق النفس، وعلو الهمة، ورفعة القدر؛ فعليه بسلوك دروبها؛ بالصبر على طول الطريق، وظلمته ووحشته، وبالمُضى قدمًا فى طريق الكفاح، معتصمًا بالله، آويًا إلى ركنه الشديد، غير متطلع إلى جيوش الظلام ورايات الخسة والنفاق.