كتب- سيد توكل:
سقط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك وتنفس أخيرا الشعب المصري الصعداء وبدأت مرحلة البناء والتعمير بعد ثورة التغيير، التي أتت أكلها بعد 18 يوما من الثورة الشعبية المصرية التي فاجأت العالم بأسره، خاصة النظام المصري الذي صُدم بمئات الآلاف من الجماهير التي خرجت في جمعة الغضب بتاريخ 28/1/2011م دون سابق إنذار، حتى سأل نائب المخلوع مبارك، اللواء عمر سليمان احد قيادات الثورة الشبابية: "إننا صعقنا حقًّا بملايين الجماهير التي خرجت لمساندة الثورة، فكيف ومتى نظّمتم هذه المظاهرات وكيف استطعتم حشد مئات الألوف للخروج في جمعة الغضب؟!" وهو يعني فيما يحاول معرفته كيف استطعتم فعل ذلك في ظل دولة بوليسية بعيدا عن امن الدولة ومخابراتها التي تخترق كل بيت مصري وتفرض سطوتها على كل مؤسسات المجتمع المدني والأحزاب !
لكن هذا السقوط المدوي والذي توقعناه منذ ثورة الغضب يدفعنا للسؤال عن الآلية التي سقط بها النظام البوليسي الدكتاتوري، ولماذا أعلن مبارك عن التنحي بعد أن أعلن قبل ليلة واحدة فقط تمسكه بالسلطة وتفويض صلاحيات الرئاسة لنائبة اللواء عمر سليمان؟ وما سر الصفقة التي بموجبها تنحى الرئيس المخلوع مبارك عن النظام؟ أو بعبارة أصح أُجبر على التنحي؟
وتطرقت صحف أجنبية عديدة إلى براءة المخلوع مبارك من تهم قتل الثوار، في حين أنه بعد 6 سنوات من ثورة 25 يناير 2011، وأصبح المخلوع حرًّا وامتلأت السجون بثوار 25 يناير، وكل من يرغب في استمرار هذه الثورة، ووصفت الثورة بأنها ثورة مريرة وان براءة مبارك النصف الثاني من صفقة عمر سليمان مع المجلس العسكري.
الثوار في السجون
موقع "كوارتز" الأمريكي، قال إن مصر تعيش مفارقة عجيبة، حاليا بعد براءة مبارك من تهم قتل ثوار يناير، حيث تمت تبرئته من جميع التهم الخاصة بقتل نحو 1000 متظاهر خلال ثورة يناير 2011 التي أطاحت به من السلطة بعد نحو 30 عاما في الحكم.
ولفت الموقع إلى أن القاضي وجه في محاكمته سؤال لمبارك حول التهم الموجهة إليه، فأجاب "لم تحدث"، مشيرا إلى أن الحكم قضى على كل اﻵمال في القصاص لمن قتلوا خلال الربيع العربي بمصر، فقد كان مبارك الرئيس العربي الوحيد الذي أطيح به في موجة الربيع العربي يواجه المحاكمة بعد قتل القذافي في ليبيا، وهروب بن علي الرئيس التونسي إلى السعودية.
وأضاف الموقع، أن حكم المحكمة زاد إحباط النشطاء الذي تراكم على مدى السنوات الست الماضية، خاصة أن الشباب الذي قاد الثورة وسعى ﻷستمرارها حاليا في السجون، وبلغ عددهم بحسب تقديرات منظمات حقوقية حوالي 60 ألف سجين سياسي.
وأشار "كوارتز" إلى أن مصر تحتل المرتبة الثانية بعد نيجيريا في مؤشر الفساد، وتهريب أموال الدولة للخارج مع تدفق أكثر من 105 مليارات دولار من خزائن الدولة منذ 40 عاما للخارج، وأصبح التضخم الأعلى في مصر منذ عشر سنوات بعد تعويم الجنيه في نوفمبر الماضي، وتدابير التقشف التي فرضها صندوق النقد الدولي لمنح مصر قروض قيمته 12 مليار دولار.
أهداف باتت مستحيلة
وبرأي مراقبين بلا شك أن تدخل الجيش وإجبار مبارك على التنحي، جاءت في إطار صفقة سياسية ظهرت ملامحها بعد الانقلاب، فمبارك لم يتنازل أو يتنحى بإرادته كما يتصور البعض أو كما حاول الإعلام والجيش إظهار ذلك، بل تمت العملية وفق صفقة سياسية بين المؤسسة العسكرية والنظام، بحيث يعلن نائب الرئيس تنحي مبارك عن الحكم وتسليم السلطات السياسية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، مقابل ضمانات معينة، أهمها :
– ضمان حياة الرئيس مباركو أسرته وتأمين خروجهم من البلاد.