مع اقتراب لحظة السقوط…هل تنقذ دولارات عيال زايد السيسي من المصير المحتوم ؟

- ‎فيتقارير

 

 

مع اقتراب لحظة السقوط لقائد الانقلاب الدموى عبدالفتاح السيسي واعلان إفلاس مصر لعجزها عن سداد أقساط وفوائد الديون الخارجية التى تجاوزت الـ 165 مليار دولار بدأت الدول الداعمة للانقلاب على أول رئيس مدنى منتخب في التاريخ المصرى الشهيد محمد مرسي المسارعة لدعم السيسي في محاولة يائسة لإنقاذ عصابة العسكر من السقوط خاصة في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية التى يشنها الكيان الصيهونى بدعم الحكام الخونة للاحتلال الصهيونى على حساب الشعب الفلسطينى

ومع تصاعد الأزمات الاقتصادية التى تهدد باندلاع ثورة جديدة لخلع السيسي على غرار ثورة 25 يناير 2011 التى أطاحت بالمخلوع حسنى مبارك يعمل داعمو الانقلاب على تقديم مليارات الدولارات للسيسي حتى لا يسقط نظامه الإجرامى خاصة بعد تراجع إيرادات قناة السويس، وقطاع السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، بفعل أزمات غزة وتوقف التجارة عبر البحر الأحمر؛ ما جعل الاقتصاد المصري يعانى من أزمات أوصلت المصريين لحالة غير مسبوقة من الغضب، وهو ما يهدد عرش السيسي.

 

 كانت السعودية والإمارات والكويت قد قدمت للسيسي، ما مجموعه 39.5 مليار دولار إما نقدا أو على شكل قروض أو مشتقات نفطية ما بين يوليو 2013 وفبراير 2014، في دعم وصل لنحو 50 مليار دولار، فيما دعمه صندوق النقد بنحو 12 مليار دولار عام 2016، وتمويل آخر في 2020، بنحو 5.2 مليارات دولار.

هل هذا الدعم سينقذ السيسي من مصيره المحتوم أم أن دول الخليج تستغل الأزمة للحصول على مكاسب وأصول وأراض وصفقات بثمن بخس وفرض شروط مجحفة تزيد من أزمات المصريين؟

 

قبلة الحياة

 

من جانبه قال الباحث في الاقتصاد السياسي والتنمية والعلاقات الدولية، الدكتور مصطفى يوسف : منذ بداية الحرب الصهيونية على غزة تكشفت أهمية السيسي، لدى إسرائيل، وأمريكا، والخليج، خاصة السعودية والإمارات، ولذلك فإنه من الطبيعي ألا يتركوه يسقط ولن يتوانوا في أن يعطوه قبلة الحياة، إلا لو كان هناك بديل أخر ، أو تسبب هو في أزمات معهم، وهو ما لم يحدث.

وعن تغير موقف صندوق النقد واقتراب تمريره تمويلا كبيرا لدول العسكر، أشار يوسف في تصريحات صحفية إلى حديث وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين، خلال لقائها وزير مالية الانقلاب محمد معيط، ومحافظ البنك المركزي حسن عبد الله، ووزيرة تعاون الانقلاب  رانيا المشاط، بواشنطن والتى قالت : نحن ندعم السيسي وندعم انقلابه، ومسؤولون عن أن يكون نظام السيسي جيدا وفق تعبيرها، مؤكدا أن خبراء صندوق النقد قالوا: سنمرر القرض، مقابل رفع سعر الفائدة، وبيع شركات تابعة للجيش، وتوسيع مساحة القطاع الخاص .

وحول عودة الاستثمارات والاستحواذات الإماراتية مجددا، أكد أن الإمارات تحرص على التعاون الوثيق والتنسيق الدائم مع السيسي، كونهم شركاء جمهورية العسكر التي قامت مع 3  يونيو 2013، وهى من أوائل داعمي الانقلاب مشيرا إلى أن عيال زايد لديهم خطة استراتيجية لشراء أصول مصرية والسيطرة عليها في الوقت الذي تحظى فيه بشراكات هامة مع الاحتلال الصهيونى .

وحذر يوسف من خطورة بعض الاستحواذات على الأمن القومي المصري، مثل شراء معامل البرج والمختبر والسيطرة على 90 بالمئة من التحاليل والسجلات الطبية للمصريين منتقدا التوسع الكبير لعيال زايد في مصر عبر إدارة بعض الموانئ، وشراء شركات الأسمدة، وشركات التمويل مثل “فوري” وشركة “القلعة” من رجل الأعمال أحمد هيكل.

 

إصلاح هيكلي

 

وأوضح أنه ومع ذلك، فإن قرض الصندوق والاستحواذات الجديدة لن تحل الأزمة المالية والاقتصادية، لافتا الى أن القرض بحدود 10 أو 12 مليار دولار، وسيجري بيع أصول بنحو 5 أو 6 أو 7 مليارات دولار، ومهما أعطى الصندوق للسيسي فلن يجدي لأن مستحقاته تصل الى7 مليارات دولار، ولو أعطاه 3 أو 4 مليارات دولار سيعود ليأخذها بعد أشهر .

وشدد يوسف على أن اقتصاد مصر يعيش عثرة لن يقوم منها إلا بتغيير جذري، وإصلاح هيكلي، بأن يخرج الجيش تماما من الاقتصاد، وهو ما لن يقبل به السيسي، الذي بنى نظامه بأن يكون للجيش هذه الامبراطورية، وجعل من منتسبي الجيش، والداخلية، والقضاء، والإعلام، ورجال أعمال مثل صافي وهبة، وإبراهيم العرجاني، حزبا كوطني حسني مبارك .

ولفت إلى أن نظام الانقلاب، ليس لديه مقومات الاقتصا”، مشيرا إلى أن دولة مبارك كانت تعج برجال أعمال مثل نجيب ساويرس، وأحمد عز، ورشيد محمد رشيد، وياسر الملواني، وغيرهم من شلة جمال مبارك، وجميعهم رجال اقتصاد تعلموا بالجامعة الأمريكية ومن عائلات ثرية كعائلة منصور وغبور، برغم الفساد والتناغم مع المصالح الأمريكية لكنهم بارعون اقتصاديا.

وأكد يوسف أن القروض والمنح التي ستأتي والمشتريات التي ستتم وبعض القروض الميسرة من البنك الدولي أو عودة الأموال الساخنة وظهور مقرضين بإيعاز من صندوق النقد وأمريكا وأوروبا والإمارات وإسرائيل، جميعها يمكنها تعويم نظام السيسي مدة عام ونصف على الأكثر .

وأوضح أن سكان مصر أكثر من 110 ملايين نسمة واقتصادها لا يمكن لأحد بمفرده أن يتولاه، ولا بد أن يكون لدينا اقتصاد فيه مقومات يجتذب رؤوس الأموال، وقوانين وتشريعات، وتقليص مشروعات الجيش، ومنع الفساد، ووقف الدكتاتورية، وإنعاش ملف حقوق الإنسان والحريات والصحافة، وإنفاذ القانون، مؤكدا أن مصر في زمن العسكر من أسوأ دول العالم بمؤشراتها، لذا لن يأتي مستثمر.

وقال يوسف : في كل الأحوال شراء بثمن بخس، وبشروط مجحفة، حتى تظل أمريكا وإسرائيل والإمارات والسعودية مهيمنة على صناعة القرار المصري، وتظل دولة العسكر رجل المنطقة المريض، بوضع ما بين الركوع والسجود لا يريدك بالوضع الأول كالصومال فتهدد أمن الخليج، ولا يريدك بوضع الركوع حتى لا تقوم وتصبح مثل تركيا أو ماليزيا، وتفلت منه.

وأوضح أن ما يعزز فرضية الشراء البخس هو غياب أية معلومات موثقة عن الصفقات الجديدة، ولذا فإن صفقات رأس الحكمة وما سبقها من بيع لبنوك، وشركات أسمدة، وحتى مسألة توريق جزء من إيرادات قناة السويس، تحيطها الشبهات.

 

دائرة الفقر

 

وقال الناشط السياسي الدكتور إبراهيم فهمي: ان مصر خلال العشر سنوات الأخيرة صاحبها تجفيف لمنابع السياسة، وقبضة أمنية فولاذية، وتولية محدودي الكفاءة ومنعدمي الخبرات للمناصب القيادية لدولة بحجم وأهمية مصر للإقليم وللقارة الإفريقية وللأمتين العربية والإسلامية.

وأوضح فهمي في تصريحات صحفية أنه لا يمكننا تفسير الظروف الاقتصادية المتدهورة خلال تلك السنوات إلا بالقياس على نموذج ميخائيل جورباتشوف الذي وصل لحكم الاتحاد السوفيتي وقام بمهمة تفكيكه بطريقة ناعمة تحت شعار الإصلاح وإعادة البناء التي أدت لانهيار الدولة.

وأشار إلى أنه تم تصعيد جورباتشوف بالتدريج لتولي أخطر مناصب الاتحاد السوفيتي خلال 15 عاما سبقت تفككه، وأبعد خلالها الكفاءات واتخذ قرارات أفقدت موسكو مكانتها بمحيطها الإقليمي، مع انتشار الفساد، وغياب الأولويات، ما أدى لتفكك المؤسسات، وإفقار الشعب حتى اضطر أبناء الدولة العميقة للعمل كسائقي أجرة ليلا، كما حكى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وأكد فهمي، أن مصر بمفترق طرق لم تصل إليه بتاريخها الحديث، حيث الدخل الشهري لأسرة متوسطة لا يكفي أساسيات الحياة بعد استبعاد نحو نصف السلع الأساسية التي أصبحت من المحرمات، ولك أن تتوقع حال نصف القوى العاملة التي تعاني من بطالة طويلة الأجل، وليس لها مصدر دخل ثابت أو تعمل بشكل موسمي.

ولفت إلى أن الإحصائيات الموثقة تثبت أن نحو 50 مليون مصري في دائرة الفقر المدقع وانعدام الأمل، حيث لا مظلات اجتماعية لديهم كالتي يحصل عليها النصف الآخر من الشعب من أبناء الدولة العميقة، وما يرتبط بها من مؤسسات الجهاز الإداري لدولة العسكر، والشركات التي تنفذ مشروعات لا تمثل أولوية، وتستهلك الميزانية العامة لدولة العسكر، والميزانيات الموازية في الاقتصاد غير المعلن.

 

صفيح ساخن

 

وكشف فهمى أن الأوراق والروافد التي كانت تقوم بدورها في التوازن الاقتصادي والاجتماعي تم التخلي عنها بسوء إدارة متعمد، آخرها موقف ضعيف ومتخاذل سخر منه الرئيس الأمريكي تجاه المأساة الإنسانية التي تحدث أمام مرأى ومسمع من العالم مدة 4 شهور في غزة نتيجة العدوان الإسرائيلي الهمجي الغاشم على القطاع .

وأكد أنه لولا ذلك الموقف لما خسرت قناة السويس نحو نصف إيراداتها في 3 شهور محققة خسائر تقترب من 1.5 مليار دولار منذ بداية العدوان، ناهيك عن الأضرار الرهيبة للأمن القومي المصري معربا عن اعتقاده أن المسكنات لم تعد تجدي نفعا، وإطالة الزمن الافتراضي لعدة شهور مقابل مزيد من التنازلات والبيع لمقدرات الأمن القومي والقروض التي لا تنتهي لن تشفع في حلحلة ملف واحد من الملفات العالقة عمدا، وعلى العكس من ذلك فهي تجعل البلاد تسير على صفيح ساخن حافية القدمين مغمضة العينين ومكبلة اليدين كرها .

وألمح فهمى إلى أن الروس لم يدركوا خطورة الدور الذي قام به جورباتشوف خلال سنوات حتى صدمتهم الحقيقة في 26 ديسمبر 1991، بتفكيك الاتحاد السوفيتي موضحا أنه إذا تفاقمت الأوضاع في رفح خلال الأيام القادمة ووصلت الى حد الانفجار، فإن هذا قد “يعجل بحدوث انقلاب عسكري في مصر، ليستبق غضبة شعبية كبرى بلا رأس أو أيدولوجية وليس لها محددات وكوابح .